مجتمعاتنا العربية أكثر المجتمعات مغالاة فى المهور وتكاليف الزواج ومع ذلك فإن حالات الانفصال زادت فيها بصورة كبيرة خاصةً فى أوساط المتزوجين حديثاً من لم تتجاوز مدة زواجهم عام، حتى أن بعض الدول العربية عندما وجدت نسبة الطلاق فى ازدياد، بدأت بعقد دورات توعية لمدة ثلاث أشهر للمقبلين على الزواج لتفادى مثل هذه الآفة التى قد تتسبب فى تهاوى المجتمع وسقوط بنيته الاجتماعية، ففى إحدى الدول العربية ارتفعت نسبة الطلاق طبقاً لآخر إحصائية من 7% إلى 50%، حيث احتلت المركز الأول فى الطلاق على مستوى العالم ، وأوضحت التقارير أن حالات الطلاق زادت فى هذا البلد إلى 240 حالة يوميا، بمعدل حالة كل 6 دقائق.! بالطبع هذه النتائج غير مطمئنة على الإطلاق وقد تكون نذير شؤم على المجتمع، فالأسره هى اللبنة الأولى فى بناءه فإذا انهارت تفكك المجتمع وتشردت الأجيال، فما هى الأسباب وراء انتشار هذه الظاهرة الخطيرة.؟
إن انتشار أى ظاهرة فى الحياة لابد أن يكون لها أسباب ظهور ساعدت على وجودها وتوسعها، وتعالوا بنا نسلط الضوء على هذه الظاهرة الإجتماعية التى نخرت فى مجتمعنا واخترقته حتى النخاع، ونحاول أن نسبر أغوارها، أملاً أن تتجلّى لنا الحلول التى قد تساعدنا فى علاجها لحفظ نسيج الأسرة من التفكك والضياع.
أولا ، سوء الإختيار هو السبب الرئيسى فى المشاكل الزوجية والخلل القيمىّ فى تحديد المعايير المناسبة التى على أساسها يتم الاختيار ،فالتوافق الفكرى والتقارب المادى ضروريان لتحقيق التوازن الاجتماعى، وهذه أولى مراحل التناسب التى تحقق الانسجام الكامل بين الطرفين.
ثانيا ، عدم وجود تفاهم بين الزوجين لإجراء حوار مشترك دائم فى كل مراحل ومشاكل الحياة ، وهذا يكاد يكون معدوما بين الأزواج بسبب تحول البيوت إلى صراعات لفرض الإرادة والسيادة دون تنازل من كلا الطرفين، بهدف انتصار الذات دون النظر للعواقب .
ثالثا ، الإستعجال وعدم النضج والوعى الكافيان عند الزوجين فى كيفيه إقامة حياة مستقرة معتمدين بذلك على الحس الفطرى فقط فى التعامل دون اكتساب أى مهارات أخرى حديثه فى التعامل، وبالتالى يبدأ الملل يتسرب بين العلاقات مما يؤدى إلى صدام دائم وقله الرغبه فى الحديث وعدم الرؤية.
رابعا ، تحوّل الإختلافات إلى خلافات دون الإلتفات إلى أن كل شخص له طباع خاصة مختلفة عن الآخر ، لو تم فمهما والتعامل معها جيدا لصنعت مساحات من التكامل وبالتالى تذوب أى فوارق بينهم، ولتغلّبا سوياً على عثرات الحياة دون المساس بكيان الأسرة.
خامسا ، الخرس الزوجى، فلغة الحوار هى الماء والهواء بالنسبة للزوجين والتى سرعان ما تعالج أى مشكله فى الحياه بشكل مبكر قبل أن تتضخم وتتحول إلى كارثة كبيرة يصعب إحتوائها بعد ذلك، فتدارك الأخطاء منذ البدايه يجعل حلها سهلا .
سادسا ، تقاسم الأعمال وعدم إلقاء المسئولية على طرف دون الأخر فالحياة مسئولية مشتركة يتحمّلها كل من الزوجين بما يتوافق مع طبيعة كل منهما، فالزوجين ساعدين لا يعمل أحدهما بدون الآخر، وبالتالى لابد من النظر فى اتجاه مشترك لترسوا سفينة الزواج على شاطئ الأمان.
سابعا، حسن الخلق. فهو الرابط الذى يضمن إستمرار أى علاقه فإذا انقطع انهارت ولن تستمر طويلا ، فالقلوب متقلبه تحتاج إلى زمام الحكمة والخلق الحسن للسيطرة عليها وقت الغضب.
ثامناً، انعدام الثقة التى هى عماد أى علاقة، فحين يتسرب الشك داخل كلا الزوجين تتصدع العلاقة فُتحِدث شرخا كبيراً يؤدى إلى الانفصال الروحى أولاً والذى يترتب عليه انفصال مادى فيما بعد، الثقة هى مفتاح رئيسى للسعادة الزوجية والإحساس بالأمان. فالثقة الواعية مع الحرص حماية للأسرة.
تاسعا، غياب الصداقة، حين يصادق الرجل زوجته يجعل منها زوجة دائمة البوح فى كل صغيرة وكبيرة تستشيرة فى أدق الأمور، لا تلجأ لأحد غيره إذا أرادت مساعدة، وهذا يضفى تغيير كبير فى العلاقة الزوجية فتخرج من دائرة الرتابة والروتين التقليدى وتخلق جو مختلف ملئ بالحب والبساطة، فالصداقة تذيب الفوارق وتبعث الاطمئنان فى النفس.
إن الزواج شراكة رابحة رأس مالها الحب والإحترام والإهتمام والتفاهم، فلا استقرار ولا استمرار فى غياب أى عامل من هذه العوامل التى هى دعائم وضمان نجاحه ، فقبل أن تؤهل نفسك للزواج ماديا ،عليك بتأهيل نفسك أولا فكريا وعقليا وعاطفيا ، فالزواج مثل الحياه العلمية والعملية تحتاج لثقافة واطلاع وخبرات كى تحرز فيها النجاح.