كتبت/منيره عبد الراضي
كشف الدكتور حسن أمين الشقطي وكيل كلية التجارة بجامعة أسوان عن حدوث عملية هروب وتحول لصناعة الأسمدة الفوسفاتية من أسوان إلى الوادي الجديد، الأمر الذي تسبب في خسائر صافية لمحافظة أسوان بقيمة 20 مليار جنيه.
ويذكر الشقطي بالقرار الرئاسي بتخصيص 5100 فدان منذ 2014م لإقامة مجمع لتصنيع الأسمدة الفوسفاتية ، والذي كنا نتطلع أن يحدث تنمية حقيقية للمناطق الفقيرة بأسوان وعلى رأسها مدينة ادفو بمدنها وقرارها ال 75 ..وقد كانت أضعف الخطط تتوقع أن يجلب هذا المجمع استثمارات ما بين 10 إلى 15 مليار جنيه .. وخلق 10 آلاف فرصة عمل ، ناهيك عن تنمية قطاع عريض من المشاريع الصغيرة والمتوسطة المغذية لخدمات ومنتجات هذه المصانع.
إلا إن مرور ثلاث سنوات على هذا القرار وعدم التمكن من انجاز أي موافقات لمصنع واحد، حالت دون انتظار المستثمرين، وأدت إلى تحولهم إلى محافظة أخرى ربما لا تمتلك توافر الخام (الفوسفات) بالكثافة أو النقاوة المتوافر بها بمدينة أدفو بمحافظة أسوان.
ويضيف الشقطي أن منطقتى المحاميد والسباعية تعتبر من أهم مناطق توافر الفوسفات بمصر وتقدر احتياطيات الفوسفات فيها 1200 مليون طن. هذه الاحتياطيات الآن تستخرج وتصدر بشكلها الخام بشكل يقلل من استفادة المنطقة منها، فضلا عن حرمان المنطقة من مصدر تنموي استراتيجي حباها الله به.
ويضيف الشقطي أن المغرب بها أكبر مجمع صناعي للأسمدة الفوسفاتية باستثمارات 100 مليار جنيه وتستحوذ على السوق الأفريقية .. ومجمع نجع هلال للأسمدة الفوسفاتية هو المجمع المصري الوحيد القادر على منافسة المغرب في السوق الأفريقية نظرا لقرب المجمع من حدود أسوان القادرة على الوصول إلى كافة دول وسط وغرب وجنوب أفريقيا.
كما يضيف الشقطي أن السعودية تخصص مؤخرا اعتمادات مالية تزيد عن 100 مليار جنيه للاستثمار في الأسمدة الفوسفاتية رغم أنها لا تمتلك احتياطيات مثل التي تمتلكها مصر.
إلا إنه احقاقا للحق، فإن السبب الرئيسي في هذا الهروب الكبير للمستثمرين من أسوان لا يقع على المسئولين ولكن يقع على الأهالي أنفسهم، حيث أن اعتراضات الأهالي على مصنع الجبلي لتصنيع الأسمدة الفوسفاتية بالسباعية، تلك الاعتراضات التي حالت دون تشغيل المصنع لفترة 6 سنوات. هذه التجربة كانت تقف حجر عثرة أمام قبول أي مستثمر أن يضع ملياراته في مثل هذه المنطقة، لأنهم يعتبرون استثماراتهم غير آمنة من نقمة الأهالي.
بالتحديد التجربة المريرة لتشغيل مصنع الجبلي شوهت صورة ادفو وأسوان أمام مستثمري تصنيع الأسمدة الفوسفاتية عموما، وخاصة أن هذه الصناعة من الصناعات طويلة المدى والتي يعتقد المستثمر أنه يحتاج لفترات طويلة لكي يحقق أهدافه المرجوة منها، فكيف له أن يثق في نجاح استثمارات طويلة الأجل، والأهالي يمكن أن يخرجون في أي لحظة ويعترضون ملما اعترضوا ولن يقف أمامهم حائل.
ويؤكد الدكتور حسن الشقطي أننا خسرنا بأسوان 20 مليار جنيه كانت يمكن أن تخلق 20 ألف فرصة عمل، ليس لشئ سوى لأننا نفكر بعشوائية، ونفتقد للخطة الاستراتيجية لنهضة وتنمية المدن، إننا نفكر في منزل أو عدة منازل سيتلوث ساكنيها من دخان هذه المصانع، ولكن لنسأل كم قيمة هذه المنازل ؟ هل تصل قيمتها بالأرقام إلى 1 مليون جنيه أو حتى 5 مليون جنيه !!! ألم نفكر أن نستقطب هذه المصانع ونبني مدن عصرية حديثة بعوائد ومكاسب هذه المصانع. بالطبع كان يمكن أن نبني 10 آلاف وحدة سكنية حديثة ومتطورة لهؤلاء الأهالي وكان سيكون وضعهم الاقتصادي والمالي والاجتماعي أفضل، لو فكرنا قليلا.
لنفكر في المستقبل، لنرى كيف نستعيد ما فقدناه !!!