بقلم / كواعب أحمد البراهمي
كان للسينما قديما دورا هاما في صناعة ذوق المجتمع , وفي إنشاء قيم ومبادئ جميلة , وكانت وسيلة تنوير وتثقيف لكل المجتمع بالإضافة إلي أنها وسيلة من وسائل المتعة . ولم يكن ذلك في السينما العربية فقط ولكن كانت السينما العالمية كذلك . وقد شاهدنا كمجتمع مصري أفلام أجنبية غاية في الروعة وخالية من الإسفاف , وخالية من المشاهد المسيئة للمجتمع , و كانت الأسرة كلها تجلس وتشاهد الأفلام دون شعور بالحرج ودون خوف .
ولكن مع تطور المجتمع تطورت أيضا السينما ولا أدري أستعمل لفظ تطورت أم تأخرت , لأن ما حدث كان نكسة في الأفلام وفي السينما عموما .
وبعدما كانت السينما الواقعية تقدم عن طريق صلاح أبو سيف وعاطف الطيب وتناقش قضايا مجتمعية حقيقية , أصبحت السينما الواقعية تقدم كل ما هو سئ في المجتمع وكأن واقع المجتمع ملئ بالسئ فقط , ولا يوجد في المجتمع شئ جيد يمكن أن تقدمه السينما .
ولا أدري أي منهما هبط بالآخر ؟ هل هبطت السينما بالمجتمع فبدأ الشباب يقلدون ما يرونه علي شاشتها , أم أن المجتمع مملؤ بالسؤ وأن السينما تنقل هذا االسوء دون أن تحاول تحسينه
ولكن بالنظر للسينما العالمية نجد أن السينما العالميه تقدم أجمل ما في البلد لديهم بل أن الأفلام يكون بها دعوة للسياحة عن طريق عرض الطبيعة وما يوجد داخل البلدان من تقدم ورقي , تجعل الشخص يتمني أن يعيشه .
وحيث أن الفن عموما له دور كبير في تشكيل ذوق وأخلاق المجتمع , وفي تكوين مصطلحات الشريحة الأكبر منه وهم الشباب , وأقصد بالفن كل فن من كلمة سواء قصة أو شعرا أولحن أوغناء أوتمثيل أوإخراج فلابد أن نهتم بصناعته وبتقديمه في شكل جيد .
ومن المعروف أيضا أن الفن له قائمين عليه وخاصة صناعة السينما , فلماذا لا تقوم هذه الصناعة بتقديم مصنوعات جيدة ومفيدة .طالما هي بالأساس موجوده , فبدلا من أن تقدم لنا مستويات هابطة تنحدر بالمجتمع فلتقدم لنا فنا ذو قيمة يرقي بالمجتمع ,
ويوجد كثيرون من أبطال حرب أكتوبر تم إستضافتهم بالبرامج التلفزيونية وتم الحديث معهم عن بطولات حدثت في الحرب عندما تسمعها لا تصدق ما بها من بسالة وروح عالية وقدرة علي التضحية وحب الوطن , ولكنها غير موثقة كأفلام يتم عرضها مرات ومرات لتشاهد الأجيال الجديدة البطولات الحقيقية فذلك يصنع بداخلهم ثقة بالنفس وقوة وقدرة علي مقاومة دعاوي الهدم التي تقوم بها إسرائيل والترويج بأننا لم ننتصر في أكتوبر .
سينما الغرب قدمت لنا أعظم فيلم وهو الرسالة , و فيلم عمر المختار , و لم تقدم السينما العربية سوي الناصر صلاح الدين وبعض الأفلام عن ظهور الإسلام وفيلم الشيماء .
لماذا لا ننتج أفلام عن الدولة العباسية كمثال , أو الدولة الأموية والفتوحات التي تمت ليعرف الشباب الصغير أننا يوما كنا نحكم فرنسا ووصلنا إلي داخل اوروبا , و كيف كان الحكام المسلمين يديرون الدولة , وكيف كان هارون الرشيد يعطي كل شخص يترجم كتابا مثل وزنه من الذهب , وكيف كان الإهتمام بالعلم والعلماء علي مر العصور , وكيف أن المخترعين الأوائل كانوا عربا , وأن دور العرب وفضل العرب علي العالم لا ينكر ,وأن هارون الرشيد كان أزهي العصور وأكثرها رخاء ولكنهم لا يقدمونه بالافلام العربية سوي شخص محاطا بالجواري وكأنه رجل فاضي لا شيء لديه سوي مغازلة النساء , ويسخفون الأمور .
صحيح أن مثل تلك الأفلام يتطلب ميزانيات ضخمة , ولكن لو دمجنا ميزانية ثلاثة أفلام تافهه وعملنا بها فيلم واحد لكان أفضل ,..
لابد أن يعترف صناع السينما بأنهم السبب في إنهيارها , حتي بعض الأفلام الجميلة أغلبها مقتبس , ولكن يضفون عليه بعض من الخيال المصري ويقدمونه فيقللون من قيمته .
الخلاصة إذا كان الفن موجودا وكثير من الشباب يتلقي منه أفكار ومباديء , فليكن ذو رسالة ذات قيمة ., لما له من دور كبير ومؤثر في المجتمع ولا نستطيع أن ننكره وليكن وسيلة نعزز بها معني الإنتماء لدي الشباب ومعني الإعتزاز بعروبتنا ولغتنا وقيمنا .