مفهوم الإرهاب اليوم بات من أكثر المفاهيم تطلبا إلى التمحيص الفلسفي والمساءلة النقدية، ذلك أن الدعوات التي أخذت تتعالى بضرورة إشاعة وإنعاش الفكر النقدي لدى الأوساط الجماهيرية العريضة، بغية تقويض أشكال التفكير المتطرفة والمولدة لجملة الأفعال المصنفة إرهابية، لم تشمل دعواتها هذه إعمال المساءلة النقدية لمفهوم الإرهاب نفسه .
بل انطلقت منه كمسلمة مسكوت عن ماهيتها الحقيقية. ولعل أنجع ما يمكن أن نستهل به مساءلتنا النقدية لهذا المفهوم خاصة بالشكل الذي باتت تلوكه به وسائل الإعلام هو أن الأمور تعرف بخواتمها. إن جملة هذه الأحداث قد خلقت ما يمكن أن نصطلح عليه بحالة الاستثناء وما تستتبعه من سياسات وقوانين الطوارئ على مستوى المنتظم الدولي بأسره، وهو ما مكن الطغمة النافذة سياسيا واقتصاديا وعسكريا في الولايات المتحدة الأمريكية ومختلف حلفائها في شتى بقاع العالم المتقدم وأذنابها في المجتمعات الخائبة من تحقيق وربح مزيد من الأهداف : ا- إحكام السيطرة على العالم عبر دول أو بلدان ذات مواقع استراتيجية
البعض لا يرى في الإرهاب شيئا أكثر من تلاعب قذر تمارسه الأجهزة السرية والبعض الآخر يرى أنه لا ينبغي سوى انتقاد الافتقاد الكلي لدى هؤلاء الإرهابيين لكل حس تاريخي. في حين أن إعمال قليل من المنطق التاريخي يسمح بأن نستنتج أنه لا يوجد تناقض في القول بإمكان وجود أشخاص مفتقدين لكل حس تاريخي بحيث يمكن التلاعب بهم من طرف الأجهزة السرية.” وتوريطهم بالتالي في مثل هذه الأنشطة الإرهابية.
انعقد إجماع المجتمع الدولى على تجريم مجموعة من الأفعال التى تضر بالنظام العام الدولى واعتبارها جرائم دولية، ومن هذه الجرائم جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، والجرائم ضد السلام، وجرائم الإرهاب الدولى ولم تقف ظاهرة الإرهاب عند هذه الصور، بل امتد العنف ليشمل الممثلين الدبلوماسيين، وأصبحت الأعمال الموجهة ضدهم تستحق الاهتمام، وكثرت حوادث اختطافهم وأخذهم كرهائن وإعدامهم، إذا لم تقم حكوماتهم بتحقيق مطالب الخاطفين. ما وصل إليه الحال على الساحة الدولية.
فقد استفحلت الأمور، واشتد الخطر، وتوالت الانتهاكات الصارخة لجميع المواثيق والأعراف الدولية، وحقوق الإنسان وحرياته الأساسية، من خلال هذه الموجة الظالمة والمستبدة من الأعمال الإرهابية التى تعصف بأرواح البشر وتهدد سلامتهم. ومما يزيد الأمر خطورة، فشل الدول فى معالجة الأسباب الكامنة وراء الإرهاب، وموقف الأمم المتحدة الضعيف من التصدى لتلك الظاهرة الخطيرة، وعجزها عن اتخاذ إجراءات حاسمة تجاه مرتكبى تلك الأفعال الإجرامية أو تعبئة الرأى العام العالمى ضدها،وتجدر الإشارة هنا إلى أن تحليل بعض الأعمال الإرهابية يؤدى بنا إلى نتيجة مهمة، وهى الارتباط الوثيق بين الإرهاب وقوى التطرف التى تسعى إلى تقويض دعائم الاستقرار، ومنع تطبيق السياسات التى تهدف إلى تخفيف حدة التوتر العالمى وتفاقم النزاعات المسلحة،جرائم الإرهاب تعتمد على الرعب أو الفزع أو الخوف، باعتباره أحد الأركان الأساسية لفعل الإرهاب .
بل هو أبرز أركانه القانونية. وقد أضاف البعض إلى هذا العنصر عنصراً آخر هو القوة أو القسر باعتبارها وسيلة الإرهاب فى تحقيق الفزع أو الخوف. الرغبة الدولية في مواجهة الإرهاب بشكل جذري لم تتحقق، كما أن محاولات مواجهته ارتبطت بانتشار الإرهاب في أقاليم نفوذ القوى الدولية ، واقتصرت على إزاحة الإرهاب بعيدا عن تلك المناطق, كما ان التعامل مع الإرهاب ينبغي أن يكون وفق خطط تقوم بالأساس على أن الجدليات تسبق الآليات بمعنى أن تكون هناك أدوات حوارية لمخاطبة الفكر المتطرف من قبل أصحاب نفس المنهج الذي تتبعه تلك التنظيمات، وتبدأ المواجهة من الفكرة بالأساس، العميه الإرهابيّ في العالم العربي والغربي .
ينبغي أن يكون منبوذًا من قبل المسلمين، وأن يتبرّأ المسلمون في كلّ مكانٍ من هذا المنهج ويبيّنون مخالفته للدّين الإسلامي مخالفةً كاملة صريحة لا شكّ فيها، وأن ينبري المسلمون لبيان حقيقة الدّين الإسلامي وسماحته ومنهجه الحكيم في الدّعوة، بل ببيان الضّوابط التي تحكم قتال المسلمين لغيرهم حيث لا يقتل المسلم شيخاً أو طفلاً أو امرأة أو راهباً في صومعته، ولا يهدم بنياناً من غير ضرورة، ولا يفسد في الأرض، ولا يقطع الطّريق، ولا يبثّ الرّعب في النّفوس، ولا يغدر ولا يمثّل بقطع الرّؤوس والفخر بذلك على شاشات الفضائيّات، ووسائل الإعلام التي تنتظر بكلّ لهفةٍ نشر مشاهد القتل والتّرويع