بقلم : على الصاوى
من الأمور الثقيلة على النفس والتى توجب الحزن، وتقتل فيك الأمل
أن تدخل مكتبه لا تجد فيها كتب الأستاذ العبقرى مصطفى صادق الرافعي رحمه الله، بليغ الإسلام وحجه العرب وفارس البيان ، الأسد الزائر والبركان الثائر، أمير الكتاب صاحب وحى القلم ،ورسائل الأحزان، وعطر الورد ، وحديث القمر ، والكثير من المؤلفات الأدبيه التى تركت أثرا طيبا فى نفوس القراء ، وكانت علامه مميزة فى المكتبه العربيه ، وتعالوا معاشر القراء أن نتكلم عن هذا الأديب الأريب الفذ ، نستنشق من عبق سيرته العطره ما نشرح به صدورنا وتتفتح عقولنا ، فريد زمانه وسابق عصره وأوانه ، الذى قال عنه شاعر النيل حافظ إبراهيم بعدما قرأ كتابه “حديث القمر”
قــرأتُ كتاب حديث القمـر……فنعم الكتَابُ ونعــم الأثـــر
بداية هذا الفتى الرافعــي……نهايةُ كـــل أديبٍ ظـهــــر
ولد مصطفى صادق الرافعي في بهتيم محافظة القليوبية بجمهورية مصر العربية في 1 يناير عام 1880م، وتوفي في 10 مايو عام 1937م ، لم يتجاوز تعليمه الابتدائية، فعلم الأكابر والأصاغر في جميع أقطار الدنيا شرقاً وغرباً.
أصيب بالصمم التام فلم يعد يسمع إلا بعينيه،ورغم ذلك ما توانى ولا قعد، بل يمم وجهه شطر سلم المجد وصعد، فأخرج ما في جعبته، وتلا على مسامع الدهر بدائع قريحته، منظوماً ومنثوراً، باكياً ومسرورا، فأتى بما أثار الإعجاب، وسلب الألباب، فكان آية للسائلين، وحديثاً للعالمين.
قال عنه تلميذه محمود شاكر ،العالم الكبير ” وأما الرافعي ، فهو الرّافعي الذي لا تعرفه حتّى تقرأه ، وتصبر على ملازمتِه ، وتعطيه من نفسك ؛ لتأخذ من بيانه ومن فنِّهِ ومن بلاغته ومن فكره ومن حكمته”
هو أمير الأدب فى أقطار الدنيا ، حين أقرأ له أسرح فى علياء الخيال ما يجعلنى مخدر الإحساس والفكر، تائه بين سطوره غارقا فى معانيها بلا كلل أو ملل
إذا تحدثتَ عن التألق والإبداع، والأنس والإمتاع، والفصاحة في أسمى معانيها، والنجوم في أبهى لياليها، فأنت من دون ريب تتحدث عن الذكي مصطفى صادق الرافعي، لو للأدباء مدينة فالرافعي بابُها، أو سماء فالرافعي شمسُها، أو حَلقة فالرافعي صدرُها ،قُرشىُّ الفصاحة، أصمعي اللسان، رافعي الميل والهوى ، وإذا ذكر الرافعى فالجميع أصاغر، فحين تقرأ أعماله لابد أن تجمع شتات عقلك وزمام فكرك، وتصغ السمع والفؤاد، وتطهر قلبك من السهو فأنت فى حضرة الرافعى
قال عنه الزعيم المصري مصطفى كامل “سيأتي يوم إذا ذُكر فيه الرافعي قال الناس: هو الحكمةُ العالية، مصوغةٌ في أجمل قالب من البيان”
ورحم الله العقاد حين قال عنه ” إن للرافعي أسلوباً جزلاً، وإن له من بلاغة الإنشاء ما يسلكه في الطبقة الأولى من كُتّاب العربية
وقال عنه أنيس منصور ” أعلم علماء اللغة العربية والبلاغة هو مصطفى صادق الرافعي، فالمفردات التي جاءت في كتبه لا حدود لها، والتراكيب التي ابتدعها لا حدود لها”
قلما يجود الزمان بمثل هذا الفارس الهمام ، ملك زمام القلم ، ومجدد العهد الجديد للغة الضاد ، الذى حرر معانيها من القيود والأصفاد ، فكان لزاما عليك أيها القارئ، أن تقرأ للرافعي ، فنحن من بحاجة إليه ، فإقبالنا عليه ينفعنا وإعراضنا عنه لا يضره