عادل عامر
أن الموازنة العامة للدولة في أمس الحاجة لمزيد من الموارد، لان الوضع الاقتصادي صعب وتبعياته سوف تنعكس على المواطن، إلا أنه سينعكس بالإيجاب في الأجل المتوسط والطويل على المواطنين..وتتجلى هذه السلبيات في ضآلة الناتج المحلي الإجمالي من حيث القيمة أو النوعية، فهو ناتج لا يتناسب مع متطلبات الزيادة السكانية، ولا يفي باحتياجات البلاد من السلع والخدمات، و تتجلى الأزمة الاقتصادية التي تعانيها مصر في جوانب عدة. انخفضت احتياطيات النقد الأجنبي من نحو 36 مليار دولار في يناير 2011، ما قبل الثورة، إلي ما يقرب من 13 مليار دولار، والتي قد لا تكفي لتغطية واردات ثلاثة أشهر فقط، علي الرغم من حاجة الحكومة لاستيراد كميات كبيرة من الدقيق والوقود لسد احتياجات الأفراد من الخبز ومصادر الطاقة.
كما انخفضت قيمة الجنيه المصري منذ ديسمبر وحتى الآن بنسبة 10 بالمائة. هذا التراجع في قيمة العملة أدي بدوره إلى زيادة نسبة التضخم من معدل سنوي يقل عن 5 بالمائة في ديسمبر 2012، إلي 8 بالمائة في فبراير 2013. وما أسهم في تفاقم هذه الأوضاع هي القيود التي فرضها البنك المركزي على التبادل التجاري، وتضييق الخناق على التجارة والاستثمار الأجنبي، وفرض ضرائب باهظة بأثر رجعي على المستثمرين المحليين، إلي الحد الذي لم يعد معه السوق المصري آمنا أو مربحا للمستثمرين الأجانب. وفيما يتعلق بالصناعة الوطنية، تم إغلاق نحو 4500 مصنع منذ الثورة وحتى الآن، وهو ما ترتب عليه ارتفاع معدل البطالة من 9 بالمائة إلي 13 بالمائة.
أدى ذلك كله إلى وصول الاقتصاد المصري إلى مرحلة “الركود التضخمي”، بعد أن تراجع معدل النمو الاقتصادي في الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2012 إلى 2.2 بالمائة وفقا للبيانات الرسمية. ويتوقع الخبراء الاقتصاديون أن يصل العجز إلى 12 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية السنة المالية في يونيو، بعد أن كان 9.5 بالمائة. يؤثر ذلك في معدلات الفقر في المجتمع المصري، إذ ارتفعت نسبة المصريين تحت خط الفقر من 21 بالمائة في 2009 إلى 25 بالمائة في العام الماضي.
•إن نقص المعروض من العملات الأجنبية هو السبب الرئيسي في تدهور قيمة الجنيه المصري، لان نقص الدولار في السوق المحلية وارتفاع سعره في السوق السوداء يؤدي إلى ارتفاع تكلفة المنتجات المصرية، ويؤدي كذلك إلى انخفاض تنافسية المنتجات المصرية في الأسواق العالمية. لجنيه المصري في أدنى مستوى له على الإطلاق، وقيمته تتآكل، فبعدما كان أغلى من الدولار الأميركي عام 1989، بات سعر الدولار اليوم يناهز عشرة جنيهات. إن معدل النمو الاقتصادي بلغ 4.3 % خلال العام المالي 2015/ 2016 مقارنةً بمعدل نمو بلغ 4.4% خلال العام المالي السابق، وعلى الرغم من الانخفاض النسبي في هذا المعدل، الذي يرجع بشكل أساسي إلى انخفاض نمو صادرات السلع والخدمات بمعدل بلغ 14.5% فإنه قد تحقق في ظل ظروف اقتصادية غير مواتية عالمياً ومحلياً، وعدم استعادة نشاط قطاع السياحة، وتراجع حركة التجارة العالمية، وتباطؤ نمو قطاع الصناعة في ضوء محدودية موارد العملة الأجنبية لاستيراد مستلزمات التصنيع، وتأثير ركود التجارة العالمية وانخفاض أسعار النفط على حركة المرور في قناة السويس.
يأتي ذلك بينما تتفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد، جراء جملة من العوامل، منها تراجع مداخيل البلاد من السياحة، ومن تحويلات أبنائها في الخارج، وعزوف كثير من شركات النقل البحري عن العبور من قناة السويس المصرية، مفضّلة طول الطريق عبر رأس الرجاء الصالح جنوبَ القارة الأفريقية على تكاليف التأمين المرتفعة بسبب الوضع الأمني المتدهور في محيط قناة السويس. من أخطر التحديات التي تواجه مصر حاليا وفي المستقبل هي ارتفاع معدلات البطالة، لأسباب عديدة أهمها عدم مناسبة إستراتيجية التعليم الحالية لمتطلبات سوق العمل، بصفة خاصة التعليم الجامعي، من ناحية أخرى فإن عمليات الاستثمار التي تتم حاليا في الاقتصاد المصري لا تخلق فرص عمل كافية للداخلين الجدد إلى سوق العمل، وقد كان من المفترض إن تركز استراتيجيات الاستثمار على الأنشطة كثيفة الاستخدام لعنصر العمل. عدد كبير من الداخلين الجدد لسوق العمل من كافة المصادر يقضون حاليا فترات طويلة في حالة بطالة بحثا عن العمل الذي لا يجدونه في كثير من الأحيان، وأمام هذه الضغوط يضطر الكثير من الشباب إما إلى الهجرة إلى الخارج أو قبول وظائف لا تتماشى مع مؤهلاتهم ومهاراتهم، أو العمل في القطاع غير الرسمي من الاقتصاد المصري
وهو ما يمثل هدرا للموارد الضخمة التي أنفقتها الدولة على عمليات تأهيلهم. المشكلة التي يواجهها صانع السياسة في مصر هي أن نسبة صغار السن تعد مرتفعة للغاية، وعاما بعد آخر ترتفع أعداد الداخلين الجدد إلى سوق العمل، وكل عملية خلق لوظيفة إضافية تقتضي ضرورة القيام بإنفاق استثماري يعتمد على ما يطلق عليه في الاقتصاد بالمعامل الحدي لرأس المال/العمل، أي مستوى الإنفاق الرأسمالي اللازم لخلق وظيفة إضافية. وأخذا في الاعتبار المستويات الحالية للبطالة فإن التعامل مع مشكلة البطالة في المستقبل سوف يتطلب ضرورة القيام باستثمارات ضخمة تتجاوز إمكانيات الاقتصاد المصري حاليا، ولا شك أن استقرار مصر الاقتصادي في المستقبل سوف يتطلب ضرورة خلق عدد كاف من الوظائف المنتجة للملايين من العاطلين عن العمل حاليا، وللداخلين الجدد إلى سوق العمل، ولا شك أنه هذه مهمة لن تكون سهلة، وتتطلب رسم خطط متكاملة للتنمية في القطاعات الإنتاجية المختلفة في الاقتصاد المصري مصحوبة بسياسات فعالة لجذب الاستثمارات الأجنبية في الصناعات كثيفة الاستخدام لعنصر العمل.
الدولار في البنوك
سجل الدولار في بداية عام 2016 سعر بيع 7.7، وقفز في 14 مارس 2016 ليسجل 8.8 جنيه حتى وصل في 2 نوفمبر 2016 إلى 8.7 جنيه، وبعد قرار البنك المركزي بتحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية يوم 3 نوفمبر 2016 وصل الدولار إلى 14.6 جنيه ثم بدأ رحلة بين الزيادة والنقصان، وخلال ديسمبر 2016 تراوح سعره بين 16.3 و19.1 جنيه.
السوق السوداء
بدأ الدولار عام 2016 بتسجيل 8.65 للشراء، و8.70 للبيع، وقفز الدولار في السوق السوداء في مارس 2016 إلى 9.80 جنيه للبيع، وظل الدولار يتصاعد شهرا تلو الآخر، وفي أبريل 2016 وصل إلى 10.20 جنيه في السوق السوداء وفي مايو 2016 وصل إلى 11 جنيه ثم تخطى الـ12 جنيه في شهر يوليو 2016، واستمر ارتفاع الدولار حتى وصل إلى 13 جنيه في شهر أغسطس 2016 وزاد الارتفاع في شهر أكتوبر حتى وصل إلى 18 جنيه قبل قرار البنك المركزي بتحرير سعر الصرف، لتختفي أسعار الدولار بالسوق السوداء.
التضخم
بدأ التضخم في يناير 2016 بتسجيل معدل سنوي قدره 10.10% وانخفض في فبراير إلى 9.13 ثم انخفض مرة أخرى في مارس إلى 9.02% وارتفع في أبريل ليسجل 10.27% وواصل ارتفاعه في مايو ليصل إلي 12.30%، وفي يونيو ارتفع مجددا ليصل إلى 13.97% في حين وصل إلى 14% في يوليو، وفي أغسطس وصل إلى أعلى معدل له حيث سجل 15.47، ثم انخفض في سبتمبر إلى 14.9%، ووصل في أكتوبر إلى 13.56%، قبل أن يقفز معدل التضخم السنوي الأساسي إلى 20.73 % في نوفمبر.
الدين الخارجي
ارتفع رصيد الدين الخارجي بنحو 7.7 مليار دولار ليصل إلى 55.8 مليار دولار في نهاية السنة المالية 2015/2016 مقارنة بنحو 48.1 مليار دولار في نهاية السنة المالية 2014/2015.
الدين الداخلي
وصل الدين المحلي إلي 2.6 تريليون جنيه بنهاية السنة المالية لعام 2016 مقابل 2.1 تريليون جنيه في يونيو 2015 أي بصافي زيادة قدرها 500 مليار جنيه في عام واحد فقط، منه 87.3% مستحق على الحكومة و4% على الهيئات العامة الاقتصادية و8.7% على بنك الاستثمار القومي.
البطالة
سجل معدل البطالة خلال بداية عام 2016، بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، 12.7%، وارتفع المعدل إلى 12.8% مع اقتراب نهاية العام.
الفقر
سجل معدل الفقر في مصر خلال عام 2016، بحسب الجهاز المركزي للإحصاء 27.8% بين سكان مصر باعتبارهم فقراء لا يستطيعون الوفاء باحتياجاتهم الأساسية من الغذاء وغير الغذاء، بنسبة 57% من سكان ريف الوجه القبلي مقابل 19.7% من ريف الوجه البحري.
الانجازات
أن الاقتصاد المصري لم يستعد بعد معدلات أداءه المرتفعة، ولا يزال معدل النمو أقل من الطاقة الكامنة ومن قدرة الاقتصاد على النمو، وبما يحقق معدلات التشغيل المرجوة. إن تحركات الحكومة المصرية نحو إزالة معوقات الاستثمار وتوفير الطاقة اللازمة للمشروعات الجديدة يعد مؤشرا هاما نحو التقدم الاقتصاد وحصلت مصر على موافقات من البنك الدولي والبنك الإفريقي للتنمية لدعم الموازنة المصرية بقروض ميسرة بقيمة إجمالية 4.5 مليار دولار، بواقع 3 مليارات من البنك الدولي و1.5 مليار من التنمية الإفريقي، بخلاف تعهدات بزيادة المحافظ التمويلية المخصصة من المؤسستين على مدار السنوات الأربعة المقبلة لتمويل المشروعات القومية. لان الاقتصاد سيستفيد من تلك القروض والمساعدات في تلبية التمويلات اللازمة للمشروعات الكبرى التي تعتزم تنفيذها خلال الفترة المقبلة كما سيسهم في دعم احتياطي النقد الأجنبي للبلاد وإحكام السيطرة على سوق الصرف وبالتالي أسعار السلع الغذائية في السوق.