كتب أحمد عبد التواب محلل مالى ومبادر فى مجال الاعمال
زرت احد اصدقائي مؤخرا ولاحظت انه قام بتجديد سيارته و شراء أجهزة الكترونية متعددة لكل أفراد اسرته، باركت له واخبرته ضاحكاُ يبدو ان راتبك تضاعف ولكنه اجابني : ان راتبه لم يتغير منذ خمس سنوات ولكنه (الكريديت) فقد قام بتجديد السيارة وشراء كل هذه الاجهزة بأقساط بنكية ويقوم بسدادها من مرتبه كل شهر !
وعندما سألته هل مرتبه يغطي كل هذه الأقساط أجابني بحزن: سابقاَ.. لكن الفوائد تتصاعد واعيش في توتر شديد خوفاَ من فقدان عملي حتي رفاهية التغيب والحصول على اجازات اصبحت شبه معدومة خوفا من شبح الاستغناء عني.
كان ردي عليه: الا تري انك وضعت نفسك تحت رحمة القروض واصحاب العمل فأنت لا تستطيع الاعتراض على أي شيء لأن الخيار هو ترك العمل أو الحبس بسبب القروض وهما خياران كلاهما مُر!
تركته وانا أفكر في سباق الفئران الذي نحياه اليوم، الذي يجعلنا نركض مثل الفأر داخل العجلة الدوارة بلا هواده بدون وعي أنها حلقة مفرغة لن تصل به الي أي مكان سوء مزيد من الضغوط والشعور بانك مسجون في احتياجاتك المالية.
من خبرتي في مجال الأعمال أرى ان أي أنسان مثل الشركة لديه خانة مصروفات وخانة دخل، ولابد ان يعيَ ان تكون خانة الدخل أعلى من المصروفات وان يراقب نمط صرفه، لأن تعويم الجنيه مقابل غلاء الأسعار وثبات الأجور أدي الي تحول اغلبنا الى اشخاص استهلاكيين يلجؤون للقروض البنكية يقومون بشراء اشياء تقل قيمتها مع الوقت وكأنهم يتعمدون استنزاف نفسهم مالياَ ويضيع العمر في تلك الحلقة المفرغة.
والأمر لا يتوقف على مصر أو عالمنا العربي ولكن السلوك الاستهلاكي والقروض البنكية منتشر على مستوى العالم بل يتم الترويج لها، وأكبر دليل على ذلك الأزمة التي حدثت في أمريكا في 2008 بسبب القروض العقارية عندما حدث تعثر في الدفع وادي الي أزمة عُرفت باسم ال (domino effect )نتج عنها ان كل صاحب قرض كان عليه ان يعيد ما اشتراه و يقوم بالسداد
بالتأكيد سيكون السؤال الذي يتبادر لذهن القارئ… وما الحل؟!
الحل في (التركيز) أن تُركز على إدارة حياتك بشكل أكثر ذكاء يساهم في زيادة دخلك، ان تستثمر في نفسك اولاَ و تتعلم كيف تدير فائضك المالي مهما كان قليل بشكل يحقق عوائد اكبر من خلال الاستثمار في اسواق : العقارات، الأسهم أو الوثائق الائتمانية لأن مثل هذه الأشياء تزيد قيمتها مع الوقت وأكثر أماناَ من ناحية الاستثمار.
أن تكون حر مالياَ وتتحول تلك الحرية الى اسلوب حياة ملازم لنا لابد أن نفكر بشكل فعال، واليك هذا التمرين البسيط لتتعرف انت حر ام لا : أحضر قلم وورقة وقم بعمل جدول يقسم الورقة الى أربع خانات، الخانة الأولى (دخلك الشهري)، الثانية (مصروفاتك تفصيلية)، الخانة الثالثة (هي ملاحظاتك) وأكتبها-بصدق- عن نمط صرفك، أما الخانة الرابعة (ما يجب فعله)
اعتقد الأن أنك تجيب بسخرية ولكن أن كنت مهتم حقاَ بما يجب فعله فانتظرني في الأسبوع القادم، ولكن حتي ذلك الحين كرجل محترف في صناعة المال دعني أخبرك أن هناك دائماَ ما يمكن فعله.