عادل عامر
أن السبب الرئيسي وراء التفكير في كتابة مثل هذا المقال يتمثل في ذلك الكم الهائل من القوانين التي صدرت إبان مرحلة حكم الرئيس الراحل أنور السادات والتي كانت تصدر بقصد تطبيقها على حالة واحدة أو حالة فردية محددة ومعروفة سلفا للبرلمان أي أن هذه القوانين في حقيقة الأمر عبارة عن قرارات إدارية فردية حتى وإن صدرت في عبارات عامة مجردة أي أنها تأخذ – كذبا – شكل القانون . لان الانحراف التشريعي مثله مثل سائر أوجه الانحرافات الأخرى.” الانحراف بالحق أو الانحراف بالسلطة الإدارية هو عيب ذاتي لا يجوز أن نفصله عن طبيعته الذاتية هذه وإلا أفقدناه خصائصه وأهمها خفاؤه فليس هناك فارق بين انحراف الزوج في استعمال حقه في تطليق زوجته قاصدا إسقاط نفقتها وبين انحراف الرئيس الإداري أو المسئول في استعماله لسلطته في نقل مرؤوسيه قاصدا الكيد لهم والانتقام منهم تحت ستار الصالح العام وحاجة العمل، وكذلك لا فرق في انحراف المشرع في استعماله لسلطته في إصدار قوانين ظاهرها العمومية وباطنها أنه قصد بها التطبيق على أشخاص محددين ومعروفين له سلفا.أو قصد بها الخروج عن الصالح العام.
ومعلوم لدى القانونيين أن النص التشريعي يجب أن يتصف بصفتين أساسيتين هما العمومية والتجريد، أي أن النص عندما تصدره السلطة التشريعية يجب أن يكون قابلا للتطبيق على كل مواطن تتوافر فيه شروط تطبيقه وألا يكون النص قد صدر ليخاطب أو ليطبق على شخص أو على أشخاص محددين بذواتهم، أي أن التشريع قد صدر ليطبق عليهم بأعينهم وإن كان قابلا للتطبيق على غيرهم بعد ذلك.
وبتطبيق هذه القاعدة على التعديل، الذي تم إدخاله على قانون مباشرة الحقوق السياسية مؤخرًا لحرمان بعض رموز النظام السابق من الترشح لرئاسة الجمهورية وبعض المناصب الأخرى لمدة عشر سنوات، يمكن القول إن هذه التعديلات تفتقد بالفعل- خاصة فيما يتعلق بالترشح لرئاسة الجمهورية- لقاعدتي العمومية والتجريد، كما سبق بيانه.
وقد ثار لغط كثير حول دستورية هذه التعديلات، مما دفع بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة إلى إحالتها للمحكمة الدستورية لبيان مدى دستوريتها، وقد أصدرت المحكمة قرارها بعدم اختصاصها بنظر هذه التعديلات، حيث إنها – أي التعديلات– تخرج عن حدود ولاية المحكمة التي وفقًا للقانون تختص بالرقابة على دستورية القانون بعد إصداره وليس قبل الإصدار، ويستثنى من ذلك قانون الانتخابات الرئاسية.
وقرار المحكمة بعدم اختصاصها بنظر هذه التعديلات ليس معناه أنها أصدرت فيها حكمًا بالدستورية أو عدم الدستورية فهي لم تنظر الموضوع من الأساس. ولبيان مدى دستورية هذه التعديلات من عدمه يمكن القول إن هناك شرعيتين يمكن الاستناد إلى كل منهما في الحكم على مدى شرعية أو دستورية النصوص القانونية داخل الدولة، شرعية دستورية وشرعية ثورية.
وكلتا الشرعيتين يمكن الاستناد إليها تبعًا للظروف التي تمر بها الدولة هل هي في ظروف عادية أم ثورية استثنائية.
فمثلا انتقال السلطة إلى المجلس العسكري بعد تنحى الرئيس السابق تم وفقًا للشرعية الثورية التي قبلت هذا الأمر ولم يتم وفقًا للشرعية الدستورية، التي كانت تقتضى وفقًا للدستور القائم آنذاك أن تنتقل السلطة إلى رئيس المحكمة الدستورية العليا، حيث إن مجلس الشعب كان قد تم حله قبل تنحى الرئيس السابق.
ولكن الثورة المصرية لم تتبن التأسيس على الشرعية الثورية إلا في هذا المظهر فقط، وهو انتقال السلطة للمجلس العسكري فبعد هذا الانتقال للسلطة بأيام قلائل تم الالتفات عن هذا الأساس (الشرعية الثورية)، فعندما نادي البعض بإقالة رؤساء الجامعات والعمداء والمحافظين والنائب العام…….الخ ممن عينهم النظام السابق وجدنا من يدافع بشدة عن عدم مشروعية ذلك وأن ذلك غير جائز قانونًا لأنهم معينون بقرارات صحيحة ولا يجوز عزلهم من مناصبهم.
وبتطبيق هذين الأساسين للشرعية على موضوعنا وهو مدى دستورية التعديلات التي أجريت على قانون مباشرة الحقوق السياسية، فالنتيجة في ذلك ستكون من المنطلق الذي ستنطلق منه المحكمة للنظر في هذه النصوص وربطها بالواقع، الذي صدرت فيه، فإن راعت المحكمة الحالة الثورية التي تمر بها الدولة والظروف السياسية المحيطة بها فستحكم بدستورية النص وإن تمسكت بحرفية الشرعية الدستورية ستحكم بعدم دستورية التعديلات لانطوائها على انحراف تشريعي ناتج عن فقد بعض هذه النصوص لعموميتها وتجردها.
ولقد أسست اللجنة التشريعية بمجلس الشعب هذه التعديلات- كما قال المستشار محمود الخضيرى رئيس اللجنة – على أننا في ظل ظروف استثنائية أي على أساس من الشرعية الثورية، التي تجيز مالا يجاز في ظل الظروف العادية.
كما أن القانون لا يعالج ولا يحسم كل المشاكل والمنازعات والمهتمين والمتخصصين في علوم القانون والثورات يعلموا أن هناك شرعية ثورية وشرعية دستورية ولا تنجح الثورات ولن تستطيع أكمال أهدافها إلا بفترة انتقالية يكون شعارها الشرعية الثورية والتعريف العام للفلول أو رموز الفساد في العهد الذي يسبق الثورة هو كل من افسد أو شغل منصب سياسي مؤثر في العهد السابق على الثورة والاعتراض على قانون العزل الذي اصدرة أو كان ينوى إصدارة مجلس الشعب إلا في توقيت إصدارة حيث أن هذا التوقيت كان لمصلحة تيار سياسي وضد شخص أو أتنين وكان يتعين إصدارة في توقيت مبكر ليكون لصالح الشعب كله وضد فئة كبيرة وليس شخص أو شخصيين،
أن البرلمان في ظل دساتير الثورة اختفى دوره في صنع القرار السياسي واحتكر صنع القرار رئيس الدولة وحده وتوصل إلى إن الاستفتاء الشعبي أصبح هو الآخر وسيلة مروعة للاستبداد، فالسيادة يجب أن تكون للدستور وليست للبرلمان
أن الانحراف التشريعي مثله مثل سائر أوجه الانحرافات الأخرى.” الانحراف بالحق أو الانحراف بالسلطة الإدارية هو عيب ذاتي لا يجوز أن نفصله عن طبيعته الذاتية هذه وإلا أفقدناه خصائصه وأهمها إخفاؤه فليس هناك فارق بين انحراف الزوج في استعمال حقه في تطليق زوجته قاصدا إسقاط نفقتها وبين انحراف الرئيس الإداري أو المسئول في استعماله لسلطته في نقل مرؤوسيه قاصدا الكيد لهم والانتقام منهم تحت ستار الصالح العام وحاجة العمل . وكذلك لا فرق في انحراف المشرع في استعماله لسلطته في إصدار قوانين ظاهرها العمومية وباطنها أنه قصد بها التطبيق على أشخاص محددين ومعروفين له سلفا. أو قصد بها الخروج عن الصالح العام .
فكرة تمثيل البرلمان لإرادة الأمة فانتخاب أعضاء البرلمان ليس بكاف حتى يعطيهم السلطة لتمثيل إرادة الأمة أو التعبير عنها فكثير من الدول يقضي نظامها بانتخاب القضاة أو حكام الولايات أو حتى رجال البوليس ولم يقل أحد أن هؤلاء المنتخبين معبرين عن إرادة الأمة . فالانتخاب هو أحد طرق التعيين في البرلمان كما أن فكرة سيادة البرلمان انهارت في ظل سيادة الدستور.. الذي ينشي سائر السلطات .. ومنها السلطة التشريعية ويحدد لها اختصاللبرلمان.يادة للدستور لا للبرلمان . والخلاصة أن البرلمان مثل سائر الأشياء التى يصنعها الإنسان إما أن تكون قد صنعت بشكل جيد أو بشكل رديء فالمؤسسات السياسية لا تنمو من تلقاء نفسها فكل دور من أدوار كيانها لم يتم إلا بفعل إرادة الإنسان .. وما دام أعضاء البرلمان بشرا فهم ليسوا في عصمة من إصدار قوانين منحرفة عن الصالح العام.
أولا: أن دستور 1971 جل من رئيس الجمهورية سلطة سياسية ذات اختصاصات واسعة مما جعل دور مؤسسة الرئاسة ذات دلالة كبيرة عند بحث الانحراف التشريعي.
ثانيا : أن سلطة البرلمان أصبحت تتضاءل إلى جانب سلطات الرئيس خاصة أن مؤسسة الرئاسة كثيرا ما استخدمت أسلوب الاستفتاء الشعبي . متخطية في حالات خطيرة البرلمان، وأصبح الاستفتاء الشعبي على حد قول أحد الفقهاء وسيلة مروعة للاستبداد “.
ثالثا : أن الواقع السياسي أفرز حزبا ضخما ذا أغلبية ساحقة في البرلمان وهذا الحزب نشأ من أعلى أي أن رئيس الجمهورية هو الذي أنشاه وهو ما يفسر ضخامته من ناحية ويعطى دلالة واضحة عن العلاقة بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحزب في ظل السلطات الواسعة لمؤسسة الرئاسة في الدستور .
رابعا : أنه إلى جانب هذا الحزب تأتى أحزاب الأقلية وهى تضم أعضاء يتضاءل حجمهم إلى جانب أعضاء الحزب الحاكم .
وبناء عليه وفى ظل مناخ تسود فيه شعارات سيادة القانون والشرعية الدستورية وسيادة استقلال القضاء وحرية الصحافة يصبح المناخ مهيأ لظهور حالات مخالفة للدستور سرا خشية رد الفعل إزاء المخالفة العلنية الواضحة للدستور من ناحية الراى العام . ومن ناحية المحكمة الدستورية .
. فمن القوانين المعيبة بالانحراف قوانين المحاماة المتتالية التي صدرت لا عاقة مجلس نقابة المحامين عن أداء عمله وهو المجلس الذي ثار الصراع بينه وبين رئيس الجمهورية الراحل وكذلك المادة الرابعة من قانون حماية الجبهة الداخلية والسلام الإجتماعى الذي قصد بها أعضاء الهيئة العليا لحزب الوفد الجديد ومشروع القانون الأول لإزالة آثار الحراسات .
ومن صور الانحراف هي المادة الثانية من القانون رقم 14 لسنة 1977 والتي قصد بها السيد كمال الدين حسين والتي أنعقد مجلس الشعب من أجلها في جلسة عاجلة استمرت حتى الساعة الثانية صباحا لإصدار القانون وذلك للقضاء على أثر الحكم القضائي الذي حصل عليه من مجلس الدولة بإلغاء قرار منعه من الترشيح في دائرة بنها الانتخابية وعلى حد قول أحد أعضاء البرلمان حول هذه المادة هل لكي نسد ثغرة في التشريع يعرض الاقتراح الساعة السادسة والنصف مساء ويوافق المجلس على انعقاد اللجنة التشريعية فورا ثم يطبع تقرير اللجنة بسرعة البرق ونستمر حتى منتصف الليل لنوافق على هذا الاقتراح بمشروع قانون . أن هذا النص قصد به شخص معين بالذات ومن أمثلة القوانين المخالفة للدستور صراحة القانون رقم 77 لسنة 1970 والقانون رقم 163 لسنة 1981 بتخصيص منزلين لكل من أسرتي الرئيسين الراحلين جمال عبد الناصر وأنور السادات .
فورود اسمي الرئيسين الراحلين وعائلتيهما في القانونين تجعلهما مخالفين للدستور صراحة حيث أن مخالفة قاعدة العمومية والتجريد صراحة تجعل التشريع معيبا.
.. فالتجربة والممارسة دلت على أن كثيرا ما يقع انحراف في التشريع ويكون المقصود به حالة أو أكثر محددة ونضرب مثلا بالقرار بقانون رقم 2 لسنة 1987 الصادر من رئيس الجمهورية بتعديل ممارسة الحقوق السياسية بمناسبة انتخابات مجلس الشعب الأخيرة فهذا القانون ألزم المرشحين بالإبلاغ عن أسماء مندوبيهم في اليوم السابق على الانتخابات وكان لهذا الإبلاغ نتائج وخيمة بأن عصف بالبعض وقبض على البعض الآخر أيضا إذا زاد عدد المندوبين عن ستة تجرىة قرعة بين المندوبين يختار من بينهم ستة فقط والذي يجرى القرعة هي اللجنة المعينة من وزارة الداخلية وأضاف حشيش بأن هناك كلاما خطيرا يردده بعض علية القوم ..