إكمالا لموضوع السادية الذى بدأناه فى يوم 3-2-2020، إلى حضراتكم الجزء الرابع والأخير منه …
تحدثنا سابقا عن ثمانى سمات للشخصية السيكوباتية، ونستعرض الآن الستة سمات الآخرى كما يتضح فى الآتى:
9. ثم نأتى فى النهاية إلى أهم السمات وأخطرها والتى تشكل جوهر الشخصية السيكوباتية والعمود الأساسى الذى ترتكز حوله بقية السمات الأخرى: هذه السمة هى الإنتهاك الدائم والمستمر لحقوق الآخرين .. فهو فى معركة مستمرة، أو ينتقل من معركة إلى معركة .. وكل معركة لابد أن يخرج منها منتصراً أو رابحاً وأن يخرج الآخرون منهزمين خاسرين .. لايطيق ولايسمح أن يكسب أحد أمامه أو بجواره .. ويلجأ إلى كل الوسائل غير المشروعة لإلحاق الخسارة والضرر بالآخرين..
أهم مبدأ أو شعار له هو الإتحاد والتعاون مع الشيطان من أجل مصلحته .. يخون كل المبادئ .. يخون أصدقاؤه .. يخون دينه .. يخون أمانة العلم .. يخون وطنه .. من أجل مصلحته .. شعاره: أنا ومن بعدى الطوفان .. ليس لديه أى مشاعر تجاه أحد، صديق أو قريب، وطن أو مبدأ، دين أو عقيدة .. مشاعره تدور حول ذاته فقط.
إنه لايتورع عن إيذاء أى إنسان بلا شفقة أو رحمة .. فينهب مال اليتيم، ويسرق مال المريض، ويهتك عرض الصديق، ويبيع أسرار الشريك والزميل، ويغالط فى العلم والحقيقة، ولايهتز وهو يصنع من رؤس أصدقائه وزملائه وممن وقفوا بجانبه وساندوه جماجم ليصعد عليها ويصل إلى القمة .. ولكن لا أكون متجاوزاً الحقيقة إذا قلت أن الكثيرين من أهل القمة — وليس كلهم — من السيكوباتيين.
10. وخطورة السيكوباتى المبدع أنه قد يصبح مثلا يحتذى به الشباب الصغير .. فهذا السيكوباتى المبدع يبدو براقا لامعاً أنيقاً وجيهاً ناجحاً متميزاً ويبدو أيضا كريماً صالحاً .. والشباب حين يتأثرون به ويتشبهون به ويسيرون على دربه ويتوحدون معه فإنهم بدون أن يدروا أو بدون إرادتهم يكتسبون بعض صفاته اللا إنسانية ويؤمنون بأفكاره الشيطانية، وفى النهاية يرتفع فى داخلهم بدون أن يدروا أيضا نفس الشعار وهو أن الغاية تبرر الوسيلة، وأنه لامانع من التوحد مع الشيطان من أجل المصلحة الذاتية، وأنا ومن بعدى الطوفان .. يصلون معه وبه إلى كل هذا ويغلفونه فى إطار حسن ويجدون ألف مبرر لسلوكهم بل ويضعونه فى أفضل إطار..
●● إذن خطورة السيكوباتى المبدع ليست فقط محصورة فى الإيذاء الذى يتعرض له الناس من حوله بسببه، ولكن فى التخريب الذى يصيب به عقول ونفوس الشباب، وخاصة إذا كان فى موقع المسئولية كأستاذ فى الجامعة أو رجل دين أو مفكر أو أديب أو رجل إعلامى..
هذه الشخصيات لها تأثير كبير على الشباب، وهى نماذج يحتذون يها ويقلدونها .. وكل شاب يختار نموذجا ليكون مثله الأعلى .. فإذا كان المثل الأعلى فاسدا فإنه بالطبع سيطيح بكل الأشياء الطيبة الموجودة داخل الشباب .. يسير الشاب وراء السيكوباتى المبدع بحسن نية وبدون أن يدرى أنه يسير وراء الشيطان الذى يتخذ غطاء الملائكة قناعا يخفى شروره وراءه ولايبدو منه على السطح إلا كل شئ جميل براق.
الشباب بخبرته المحدودة لايرى إلا هذا السطح وينبهر به ولايستطيع أن يكتشف الحقيقة إلا بعد سنوات طويلة، وللأسف فى خلال هذه السنوات الطويلة يكون قد أصابه بعض الرذاذ المحمل بميكروبات السوء فتضعف نفسه وتمرض أخلاقه وتسوء قيمه وأفكاره..
11. والسيكوباتى المبدع يجد من ينافقه ويتملقه إما خوفا منه و إما جريا وراء مصلحة ومنفعة .. وهو سيد الناس لسطوته وبطشه .. وبسبب الإرهاب الذى يشيعه من حوله إذا حاول أحد أن يكشف حقيقة أمره ويعريه أمام الناس .. فى هذه اللحظة يخلع رداء الملائكة وبشكل علنى وسافر يبرز كل أسلحته الدنيئة ليكسر كل من يحاول أن يفضح أمره ويهتك قناعه ويظهر حقيقته الزائفة للناس..
12. والسيكوباتى المبدع قد ينجح ويبرز فى مجالات متعددة .. وقد يصل إلى الصفوف الأولى كعالم أو فنان أو أديب .. ولكنه لايتورع أن يزيف فى العلم مثلا .. فيلفق نتائج أبحاثه، أو قد يسرق جهد غيره العلمى، أو قد ينقل من أبحاث غيره بطريقة ذكية من الصعب إكتشافها وذلك ليظل محتفظا بالمكانة الأولى من الصف الأول .. وقد يطوع نتائج أى بحث ليخدم فكرة معينة وبذلك يصبح مضللا .. وذلك عبث لايصدر إلا عن إنسان ليس لديه أى ضمير .. أى سيكوباتى ..
13. والسيكوباتى بشكل عام يميل إلى إستعمال الكحوليات وينتقل من مخدر إلى مخدر وذلك سعيا منه للحصول على اللذة الفوريه والمتعه الفائقة اللحظية .. وبعض المدمنين سيكوباتيين، وليس كل المدمنين سيكوباتيين .. والسيكوباتى يبدأ طريق الإعتماد على الكحول والمخدرات إلى حد الإدمان منذ مرحلة مبكرة من العمر، ويسبق ذلك التدخين منذ الصغر .. ويمر على جميع أنواع المخدرات فى وقت واحد، ولاتفلح معه أى وسيلة علاجية على الإطلاق .. وإذا توقف فترة عن إبتلاع المواد المدمنة أو إستنشاقها فإنه يعود إليها مرة أخرى وتفشل كل جهود المحيطين به ويصابون بالإجهاد والإعياء والغثيان وفى النهاية يبتعدون عنه ليأسهم.
14. ورغم أن السيكوباتى متبلد وجدانيا إلا أنه قد يعانى حالة من التوتر الداخلى وحالات متعاقبة من الزهق والملل والضجر، وقد يصاب بنوبات من الإكتئاب .. يضيق بمن حوله ويصب جام غضبه عليهم ويتهمهم بأنهم سبب ضيقه وتوتره، وقد ينفجر فى ثورات عارمة من الغضب يلجأ فيها إلى العنف والضرب بلا مبرر أو بدون سبب على الإطلاق .. هذا التقلب المزاجى، أو المزاج التى تغلب عليه “العكننة” قد يستمر مع السيكوباتى حتى نهاية العمر وحتى بعد أن تخف حدة السلوك السيكوباتى مع تقدم العمر..
●● هذا هو السيكوباتى .. فلنحذره .. لنبعد عن طريقه .. لنتحاشاه .. لنجعل بيننا وبينه مسافة خطوة أو خطوتين .. لكى لا ندخل معه فى شركة أو فى تعامل مالى، لكى لا نجعله رفيقاً لسفر، ولكيلا نعتمد عليه فى مسئولية أو أمر هام يعنينا .. لكى لا نتزوج منه، لكى لانجعله مثلا أعلى نحتذى به، لكى لايقود مسيرتنا ويتحكم فى حياتنا..
●● هذا هو السيكوباتى، تجسيد الشيطان على الأرض، وظل الشر وهيكله، خلقه الله لأن بدونه لايكون للخير معنى ووجود.
*****
سأشتاق إليكم
وإلى اللقاء فى فجر قريب
أستودعكم محبتي وإحترامي
محبكم
محمد بدر الدين الحسيني أبوعرب
العبور 6-2-2020