●● أى قدر من القسوة موجود داخل كل إنسان؟
●● ومتى يزيد أو يعلو هذا القدر، ولماذا يزيد وإلى أى مدى؟
●● وهل القسوة مرتبطة بمشاعر العداء والعدوانية التى تنقلب أحيانا إلى عنف؟
●● وهل يصاحب ذلك شعور باللذة والرضا، بل وتكون هى المصدر الأساسى لسعادته؟
●● وإذا تأملنا حولنا هؤلاء القساة الذين يمتلئون عداء ويفيضون شرا ويملأون الدنيا بغياً وظلماً وينشرون الألم والأذى والغيظ: من هم؟ .. كيف أصبحوا كذلك؟ أم هم من بداياتهم محملون بالإستعداد الموروث؟
●● وهل يستطيع أن يتحكم فى درجة قسوته وأن يوجه عنفه بقدر وإرادة محكومة منه، أم أنه لايستطيع أن يقاوم شحناته العدائيه ورغباته العدوانية؟
●● هل هو مريض أم صاحب شخصية مضطربة؟ وهل هناك فرق!!!
●● والسؤال الأهم هو: كم من الناس يعانون بسبب هؤلاء القساة وأى قدر من الأذى يلحق بهم؟
●● إن الطب النفسى إستطاع أن يرصد وأن يحدد نمطا معيناً أو ملامح بعينها لشخصية هناك محاولات لتسميتها بالشخصية السادية .. وهى شخصية أمرها عجيب وسلوكها فى الحياة غريب، والأساس الذى تقوم عليه حياته وعلاقاته بالآخرين القسوة والعنف .. وهو فى كل الأوقات يلجأ إلى القسوة البدنية والعنف الشديد الذى يحقق إيذاء فعلياً لكى يفرض سيطرته على الآخرين.
وهو لا يلجأ لهذه القسوة الجسدية من أجل تحقيق هدف معين كأن يعتدى على شخص ما ليسرقه أو لينتقم منه، ولكنه يفعل ذلك لمجرد تحقيق سيطرته المطلقة فى هذه العلاقة، ولكى يظل الطرف الآخر المعتدى عليه خائفاً منه .. فهو عنف هدفه العلاقة نفسها وليس شيئا آخر .. وتلك نقطة تحتاج إلى مزيد من الإيضاح لفهمها لأهميتها فى فهم جذور هذه الشخصية.
فالسادى ليس هو “البلطجى” الذى يفرض سيطرته على الناس بالعنف من أجل إبتزازهم .. فهدف البلجى هنا هو الإبتزاز .. والعنف هو وسيلته لتخويف الناس ليدفعوا له .. أى أن هدفه النهائى هو الحصول على المال .. أما السادى فالأمر بالنسبة له مختلف .. إذ هو يحتاج نفسياً إلى علاقة يكون هو فيها الجانب الأقوى المرهوب، وأن يكون الطرف الآخر هو الضعيف الخائف وذلك لا يتحقق إلا بأن يبطش بعنف هذا الطرف الآخر وبذلك تستمر هذه العلاقة تحت التهديد المستمر من جانبه، ولولا هذا التهديد الذى سبقه إيذاء فعلى لما إستمرت، ولما كان قادراً على أن ينشئ أى علاقة بآخر.
●● والقسوة البدنية ليست فقط هى وسيلته ومصدر إسعاده ، ولكنه يسعد أيما سعادة بإهانة الآخرين وإذلالهم .. وهو يختار الأوقات المناسبة ويتعمد إهانة شخص معين أمام مجموعة من الناس ويكون متأكدا أن هذا الشخص لن يتمكن من الدفاع عن نفسه لعجزه أو لإحتياجه الشديد له.
ولذا فهو يحرص فى علاقته أن يكون الآخرين فى حاجة مستمرة له، كأن يكون مصدر رزقهم، أو هو يعرف أشياء عنهم لو أعلنها تفضحهم وتدمٌرهم .. وتلك المسرحية التى يرتب لها بإستمرار تحقق له أكبر قدر من النشوة ويضطر المصاحبين له إلى مجاملته ومشاركته الإستهزاء بالضحية.
●● وهو دائما يعامل بقسوة متناهية من يعملون تحت إمرته ويتحين الفرص لإهانتهم والتقليل من شأنهم وتحقير مايؤدون من أعمال .. فالطبيب إذا كان سادياً فإنه يتلذذ بالقسوة على مريضه وربما إذلاله، وكذلك يفعل الأستاذ مع تلميذه أو السجان مع السجين أو أى إنسان كبير مع الطفل .. إنها القسوة المتعمدة والإيذاء بدون وجه حق لإنسان فى موقف صعب أو إحتياج.
●● ومشاهدة الآخرون وهم يتألمون من إيذاء جسدى أو معنوى يحقق له قدراً كبيراً من المتعة بما فى ذلك ألم الحيوانات، ويميل إلى ممارسة الهوايات التى تشتمل على قتل الحيوانات ويتلذذ بمتابعة الحيوان وهو يموت ألما.
ويلجأ إلى الكذب إذا كان ذلك سيؤذى الآخرين ويميل إلى إحداث الوقيعة بين الناس وإطلاق شرارة العداوة والعنف بسبب إفتراءاته وأكاذيبه .. ومرة أخرى هو لايكذب من أجل تحقيق مصلحة ذاتيه أو لتفادى خطر أو مشكلة شخصية ولكنه يكذب وينشر الإشاعات لإيذاء الناس والإيقاع بهم.
●● وهو يتلذذ بتقييد حرية الآخرين والتحكم المطلق فى تحركاتهم سواء زوجته أو أبناؤه وبناته أو المرؤوسون الذين يعملون تحت إمرته .. ويتلذذ أكثر وهو يراهم يتألمون لحرمانهم من حقوقهم، وهم عاجزون عن الدفاع عن أنفسهم .. وهو لايسعده تنفيذ اللوائح والقوانين حتى وإن كانت فى صالحه وإنما يسعده حقيقة البطش والتعسف.
●● وقسوة وعداوة وعنف وبطش السادى يتشكل حسب درجة تعلمه وثقافته وموقعه .. فالأستاذ الجامعى مثلا لايبطش بتلاميذه عن طريق العنف البدنى أى الضرب، ولكن بأن يجعل الدراسة صعبة وشاقة وأن يضللهم بتمويه متعمد ليوقع بهم فى الإمتحانات عن طريق أسئلة صعبة من مصادر غير متاحة للطالب، وتكون سعادته فى رهبة الطلاب منه وأحاديثهم عنه ونظرات الخوف فى عيونهم والبؤس فى وجوههم وهم يرسبون .. أنه لايستطيع أكثر من ذلك لأن ذلك هو ميدانه الوحيد .. هذا بالإضافة إلى الإيقاع بزملائه والنكاية والوشاية بهم وتعويق مسيرتهم.
وكلما أمعن الناس فى الحديث عن قسوته وجيروته .. إزداد سعادة وإنتشاء ويعوضه ذلك عن كثير من رغباته المفقودة ومن ضمنها ربما الرغبة الجنسية.
والمدير المسئول لايستطيع أيضا أن يضرب موظفيه أو مرءوسيه .. أنه لايستطيع أن يؤذيهم جسديا ولكنه ينكل بهم بوسائل أخرى بأن يجعلهم تحت التهديد الدائم بإحتمال أن يفقد أحدهم وظيفته وأن يكتب تقريراً سيئاً عنه، ويضعهم تحت المراقبه المستمرة ولايستطيع أحد أن يتحرك من مكانه إلا بإذنه ، ويضغط على الموظف أكثر إذا تعرض لظروف شخصية سيئة كمرض إبنه أو وفاة شخص عزيز .. فى هذه الظروف لا يظهر تعاطفا معه بل يطلب منه مزيدا من العمل ويشعره دائما بالتقصير.
●● ولايزكى أحدا لترقيته وغنما يتعمد حجز أى ترقية عنهم.
●● والزوج السادى يدمى زوجته ضرباً إذا اتيح له ذلك ويهينها ويجرح مشاعرها ويحط من كرامتها ويفعل كل مايجعلها خاضعة له تماما خضوع العبيد.
●● وهل هناك علاقة بين السادية والجنس؟
هذا ماسأكتب عنه فى المرة القادمه وسأشير أيضا إلى الشخصية السيكوباتيه — الشر على الأرض .. و الشيطان فى صورة إنسان — خاصة وأنها أقرب الشخصيات إلى الشخصية السادية..
أتمنى أن أسمع أراء المختصين ، وأراكم على كل خير فى الأسبوع القادم