بقلم / كواعب أحمد البراهمي
كان لها مملكة قبل أن يعرف الملوك الممالك , وكان لها قصر قبل أن يسكن الغرب القصور , وكانت لها حاشية تستشيرها عندما كان العالم لا يعرف سوي الظلم والإستبداد وعندما كان الملوك يعيشون في الأكواخ , والبيوت المبنية من الأحجار والطين .
كانت هي تسكن في قصر مصنوع من البللور , من الزجاج , حيث كان يوجد في مملكتها صناع مهرة , كان قصرها ممرد من قوارير .
كانت غير متزوجة , وكانت إمرأة , لم يقل عنها قومها أنها ناقصة عقل , ولم يعصوا أوامرها .
كانوا في زمن يسمي بالجاهلية , فأين نحن منهم في زمن يسمي بالإنفتاح ؟
كانت تحكمهم وأوتيت من كل شئ , بمعني أنها كانت مؤهلة لذلك ولديها عقل وحكمة . كانت تعيش في اليمن السعيد
كانت في مملكة سبأ , حيث سبقت الحضارة الحضارات , وحيث أقيمت الجسور والسدود ( سد مأرب ) وحيث سبق العدل , وحيث عرفت الديمقراطية الاحكام . .
قالت لهم وما كنت قاطعة أمر بدونكم , والأمر إليكم فكانت تحكم بالشوري , ولم تكن مستبدة ولا متسلطة ولا ظالمة كانت في اليمن الذي دارت الأيام دورتها وأصبحت نساء اليمن مقهورات حبيسات مريضات .
تقدم العالم , ولكن لم يتقدم العالم كما ينبغي , تقدم في أشياء كثيرة , فعاد للوراء وقبع في التخلف والجهل .
طبعا عندما نتحدث عن حقوق المرأة وحرية المرأة , وعلم المرأة , فإننا نجد أصابع الفخر تشير للغرب ونساء الغرب , وأصابع الإتهام بالتقصير والكبت والتخلف تشير إلي الشرق ولنساء الشرق .
ففي أي الأزمنة نحن ؟ وفي أي الحضارات نحن ؟ وفي أي تقدم نحن ؟
يحزنني حقا ما آل إليه اليمن , بالرغم أني ما ذهبت اليمن , ولكن شاهدت صورا للعاصمة عدن في القرن العشرين , وقصورها الرائعة المنحوته في الجبال , وشوارعها ومدنها . وتذكرت ما يحدث لبلاد الحضارة البابلية والآشورية والسومرية . وأيقنت أنها حروب ضد الحضارة قبل أن تكون حروب ضد البشر . أيقنت أنه دوما أصحاب المال وحديثي العهد بالمال يحقدون علي أصحاب الحضارات وأصحاب الممالك , لأنهم مهما ملكوا من أموال لن يصنعوا ممالك ,يحزنني أن يتعالي من لا شأن لهم فقط لأنهم أمتلكوا المال , فيتحدثون بأسم المال ويعقدون الصفات بالمال , ويحاربون ويقتلون بالمال . حقا المال يصنع كل شئ , ولكنه لا يصنع الإنسان .