عزيزي
أدعوك اليوم إلى حفل زفاف بين عربي وأوروبية , زيجة بشرية ….تلاقح جينات وراثية بين الشرق والغرب قد تنجب لنا مولوداً يحمل الصفات الوراثية للأب والأم وهذا شئ منطقي في البصمة الوراثية .
كذلك في الزواج بين اللغات بعضها البعض , التلقيح اللغوي بينها ينجب كلمات جديدة تحمل أيضاً بصمات وراثية من اللغات الأم .
التعريب أيضاً زيجة بين ألفاظ أعجمية دخلت تحت سماء اللغة العربية , فتمتعت بأحكام وقواعد اللغة العربية من حيث النحو والصرف والوزن , أي نالت الصبغة العربية للإنسجام مع لغة الضاد .
وسرعان ما انتشرت خلايا التعريب في النسيج الأدبي والسياسي والإقتصادي والإجتماعي والعلمي والنفسي والفني , تلك الخلايا التي بصفتها مواكبة التطور العصري والعلمي على مستوى العالم .
تلك الظاهرة سرعان ما كان لها من مؤيدون وأيضاً مناهضون .
وإذا كان الزواج مشروعاً بين الشعوب والقبائل , فإن التعريب بات مشروعاً أيضاً بين أهل العربية وغيرها من اللغات , ومما لاريب فيه أن سرعة التواصل بين الكفور والنجوع في ضاحية الأرض أصبح يسيراً عبر حفنة من السيلكون في جهاز وزنه عدة جرامات يُسمى هاتف محمول , كان من اليسير أن يكون هناك تلقيح ثقافي وتجاري وفكري وسياحي وسياسي وهجرة دائمة أو مؤقتة وربما فتح أو غزو , هذا التلقيح الثقافي لابد أن يرتدي عباءة لغوية جديدة تظهر في حلتها خصائص التعريب , وسرعان ما تكتسب الكلمات المعربة صبغة اللغة العربية وتنصهر في بوتقة الإستخدام على سبيل المثال كلمة (( تليفون )) وهي كلمة أعجمية تم تعريبها بإيجاد الفعل المقابل للإستخدام (( هتف )) ثم تم تصريفها على أسم الألة (( هاتف )) وبالتالي تم تعريب التليفون بكلمة الهاتف وهكذا كلمات كثيرة وُلدت من رحم الثورة الصناعية والتطور العلمي الغربي وبالتالي إزدات عملية التعريب ولاسيما في المجالات العلمية والطبية وهندسة المواصلات والإتصالات وصناعة الأدوية والعقاقير وغيرها من العلوم في الحقول العلمية .
تلك الدراسة تجعلنا أن نطرح سؤالاً صريحاً ووجيهاً…..لماذا التعريب ؟
التعريب جسر بين اللغة العربية واللغات الاعجمية , هذا الجسر يجعل التواصل بين اللغات العربية والعالمية في نشاط دائم فقد قال الجوهري تعريب الأسم أن تتفوه به العرب على مناهجها .
ورحلة التعريب رحلة قديمة حديثة وكان سيبويه أول من قام برحلة وترحال في هذا المجال ومن ثم تم ضبط العربية بعلمات الإعراب حتى لا تختلط بالكلمات المعربة ولاسيما بعد إنتشار الإسلام خارج جزيرة العرب .
التعريب يبرز حاجتنا إلى الكلمات المعربة
ولاسيما وأن العالم العربي أصبح مستهلك للحضارة وغير منتج لها , على الغرب والعجم الإكتشاف والفكر والتجارب وعلينا التعريب ….!!
لقد إلتقيت بصديق أمريكي وقد شاع على وجهه علامات الإنبهار عندما عَلم أني أتحدث عدة لغات وهو لايتحدث إلا الإنجليزية فقال لي : لست بحاجة أن أتحدث لغةات اخرى لانني أجد كل ما أريده بالإنجليزية سواء في أمريكا أو في العالم أجمع .
التعريب هو مقياس ريختر الذي يقيس مدى إستهلاك العالم العربي للحضارة الغربية القادمة من بلاد العجم .
هناك فارق كبير بين التعريب والترجمة , أما الترجمة هي نقل معنى وأسلوب وفكرة من لغة إلى أخرى …..ولكن التعريب قاصر على تطويع اللفظ الأعجمي لظلال اللغة العربية بكل روافدها .
لو كان لنا تفوق علمي فاق العجم ما كنا نحتاج إلى التعريب …!!
ومع ذلك يرى الكثير من الدارسين أن الدراسة باللغة الأجنبية أفضل من التعريب خاصة وأن قفزات التطور العلمي أسرع من مجمع اللغة العربية الذي يقرر التعريب لكل ماهو جديد ولاسيما في مجالات العلوم والبحث العلمي .
الجدير بالذكر أننا في ضاحية الأرض على القماشة الكونية لدينا كشف علمي هائل كل جزئ من الثانية سواء في عالم النانو ذاك العالم الخفي , أوعالم الفيمتوثانية الذي يمد الزمن أو في أرصفة الكون الواسع الفسيح بمدى لا يعلمه إلا الله .
نحن بين مطرقة التعريب لحماية فصيلة دم اللغة العربية وايضاً بين سندان الترجمة المفتاح السحري للمعرفة ومدينة العلوم …..!!
ومازال الصراع قائماً بين مؤيدو التعريب وبين المناهضين له .
محمد حسن كامل