عندما يأتى رحيل أعز الناس يبدأ الوجع والالام ونعيش معاناة الفراق هكذا تعيش ورد الياسمين
كاد حزنها على وفاة أبيها أن يقتلها..
كانت تغلق باب حجرة النوم لساعات تقضيها فى النحيب و البكاء بصوت عال..
فشلت كل محاولات زوجها لاحتوائها، جرب الحبوب المهدئة لكنها كانت قاتلة فقد جعلت ايقاع حزنها بطيئا فانقلب موتا بطيئا.
كان يحتضنها بالساعات حتى تختلط دموعهما..دموع فقدان الأب و دموع الشعور بالعجز.
جلس على الكرسى المجاور لباب الغرفة يدخن ويسأل نفسه عما يمكنه أن يفعله، لقد مات والدها، مات أول رجل أحبته فى حياتها،الرجل الذى لم يطلب منها أى مقابل للحب الذى يقدمه طوال الوقت بلياقة لا تليق إلا بأب.
هناك فراغات يتركها الراحلون، فراغات لا يمكن أن تملؤها بشخص آخر، فالفراغ الذى يتركه رحيل الأم لا تملؤه حبيبه، والفراغ الذى تتركه الحبيبة لا يملؤه صديق،والفراغ الذى يتركه صديق لا يملؤه صديق آخر.
الأشخاص كالألوان، إذا رحل عن حياتك اللون الأحمر قد يهون عليك اللون الأخضر بعض الألم ، لكنه مهما كان مخلصا لن يصبح أحمر فى يوم من الايام.
الحياة لغز ولا أحد على قيد الحياة يعرف الحل، هناك أشخاص يحرصون على جمع الدرجات بقوة، هؤلاء سيكافئهم الله بدخول الجنة ، وهناك من كانوا حريصين على أن يكونوا (بنى آدميين) بكل ما فى هذة المهمة من عذاب ومشقة وحيرةهكذا كان حمايا واحدا من الذين استسلموا للمهمة التى خلقوا من أجلها وهؤلاء سيكافئهم الله فى النهاية بمعرفة حل اللغز.
غلبه النوم على الكرسى..سمع صوت جرس الشقة قام ليفتح فوجد حماه يرتدى عباءة سوداء ..كان وجهه الأسمر يلمع و زاده تألقا تلك الشعيرات البيضاء الموجودة أعلى جبهته..
طلب منه أن يدخل..
جلس حماه على الكرسى و التفت ناحية باب الحجرة وسأله (مالها؟) قال له إنها حزينة على رحيلك و أن حزنها يكبر حتى أصبح بيتا تسكن فيه، قال له أبلغها أن حزنها يزعجنى و أنها غير محقة.لو تعلم حالى الآن لرقصت فرحا أننى أعيش أجمل أيامى..فى الواقع أنتم الذين تستحقون الرثاء… قل لها أن نحيبها يفسد علّى سعادتى.
قال له سأعد لك فنجان القهوة السادة الذى تحبه، فأجابه قائلا لقد أقلعت عن شرب القهوة و التدخين ، ولا أشرب حاليا سوى هذا المشروب,وأخرج من جيبه ثمرة كبيرة بنية اللون تحيط بها خطوط خضراء زاهية ،نزع جزءا من قشرتها ثم رفعها ليشرب منها و بينما خيط ذهبي لامع يسيل على أحد جانبى فمه..
وضع الثمرة فى جيبه ثم ودعه قائلا( خد بالك منها).
صحا فجأة ..أيقظها و أحضر لها الإفطار فى الفراش ثم قص عليها ما حلم به، نظرت إلى عينيه بعمق فقال لها (واللهى زى ما باقول لك) فصدقته ،قال لها أنه لم يره سعيدا هكذا فى حياته وأن نحيبها يفسد سعادته،فابتسمت للمرة الأولى منذ زمن ثم سالت دموعها ولكن دون نحيب.
مر اليوم هادئا.أعاد عليها الرؤية عدة مرات.
فى المساء تناولا طعاما خفيفا ثم جلسا إلى الكمبيوتر وطافا عبر النت بكل الموسوعات العالمية فى محاولة لمعرفة إسم الثمرة التى كان يحملها والدها..ولكن دون جدوى.