كتب لزهر دخان
تبعد الحقيقة عن الكذب بعد النهاية عن الأبد . بعدما نطقت المرأة بهذه الحكمة دخلت كوخها وأغلقت بابها مجدداً . وطلبت من أطفالها الإعتناء بأنفسهم لآنها ستعود إلى النوم مجدداً. كي تستيقض باكراً لتذهب إلى العمل في حقلها الجبلي كما جرت العادة . ووجد إبنها عمار نفسه كالعادة مشفقاً عنها . فسألها وهل كان الطارق جندي الحاكم من جديد؟ فقالت له والتثائب يملأ فمها، ومنظر صغارها الثلاثة يزيدها نعاساً كي تستيقض باكراً من أجلهم . قالت حاول أن تعتني بشقيقك وأختك . وسأحدثك عن الطارق صباحاً . ولم يجد عمار غير النافذة لتخبره كعادتها من كان ضيف أمه . وفكر لحظات ثم نط فوقها وشرع في مراقبة الطريق المؤدي إلى أسفل سفح الجبل. حتى رأى أربعة رجال وتعرف على هويتهم من هندامهم . وفهم أن ضيوف أمه كانوا جنود الحاكم . وكانوا يطلبون منها دفع غرامة يطالب بها سيدهم نظير ما تحصل عليه من منتوج فلاحي من مزرعتها.
كان الحاكم لا ينام الليل منذ وقعت عينه على مزرعة أم عمار . وقد أعجبته كثيراً وهذا يرضيه. ولكنه لا يرضى على ما فعلته به ، ولم يسمع سابقا عن حاكم سحره مكان فلم ينم لآسابيع طويلة. لهذا سيزعج المرأة ليفهم سر كونها .
عاد الجنود إلى سيدهم وقالوا له يا أمير الدنيا إن المرأة رفضت أن نكون على حق . وإنها وللحق سيدة حكيمة. وقد قررت زيارتكم بنفسها لترد عنها ظلم الجنود بجود أمير الدنيا ، فماذا نفعل. وكما تعود الأمير لم يُفكر طويلاً . وطلب من جنوده السماح للمرأة بزيارته.
وفي يوم زيارة المرأة لقصر أمير الدنيا .عمد الجنود إلى تزين القصر وقلاعها المجاورة . إحتراماً للمرأة التي تملك مكانا صرق النوم من عين الأمير. وبدخول المرأة إلى القصر أصبح الأمير مظطربا جداً . ويخاف على نفسه من سرها إذا كانت سارة . ومن بركتها إذا كانت مباركة . ومن حكمتها ودهائها إذا كانت من علماء الأرض وأتقيائها. بينما كانت المرأة تزداد قوة وعزيمة من أجل كل ما تملك في الدنيا. وذودا عن صغارها سارت فوق البساط الأحمر حتى النهاية . بدون أن تخشى الرماح التي في أيدي الجنود . والنيران التي أنارت ما حول القصر .
وقفت السيدة أمام الأمير .وأذن لها بالحديث بعدما قال لها . سمعت أنك تطلبين لقائي . وعلمت أنك جارة قصرنا من الشمال . وتملكين مزرعة مقدارها الكثير من المال . فقالت السيدة نعم يا سيدي كان أخر مشتري قد طلب مني بيع المزرعة بعشرة أكياس دنانيير ذهبية ورفضت صفقته . رفضتها طمعا في عشرين كيس على الأقل .ولم يكن الأمير قاسي القلب ولا غبياً . وطلب منها ترك المكان له بعشرين كيساً من دنانير الذهب . وإستطاعت المرأة إنهاء الصفقة لصالحها. وإستطاع أمير الدنيا الحصول على أرضها بدون تأخير أو مشاكل. وقال لها أنا أسمح لك بالبقاء في المزرعة كأنها ملك لك . على أن أكون الأمر الناهي فيها . فقالت له نعم موافقة وأنا أسمح لك بأخذ الغرامة التي طلبها جنودك. و سيكون واجبي تربيتة أولادي الثلاثة وفقط . فإبتسم الأمير على أمل أن تكون صفقته وحيلته سبباً لعودة نومه المريح . وسألها عن زوجها . فقالت قد ركب البحر ذات يوم في رحلة صيد . ولم يتمكن من العودة بعدما جرفه الموج بعيدا عن الحياة .
بدأت المرأة تربي أطفالها في مزرعة الأمير الذي لا يزال يريد التحقق من سر المكان. حيث تمن من النوم المريح في المزرعة . بينما لم يهنأ له بال ، ولم يغمض عينه بهودء وسلام في قصره أبداً . وفي يوم من الأيام تشجع وطلب من المرأة إخباره عن حكاية أناس مروا على مزرعتها عندما كانت تملكها . وعندما رأوا المزرعة سحرتهم وطردت النوم من أعينهم. فقالت لا يا سيدي أنا لا أعرف شيء كهذا عن المزرعة . وقالت له ربما يكون للمكان سراً لا أعرفه. لآنه بالإضافة إلى كونه على مقربة من قصركم يا أمير الدنيا. يبقى مكان خصب معطاء مريح يحلو فيه النوم . ويمتاز أيضا بأن الكلاب لا ترفع فيه أصواتها ليلاً . وهي كالديكة تباشر النباح فجراً . ولكن أحيانا تعود مياه المكان إلى مجاريها ، وتنبح الكلاب في أي وقت.
وبعد سنوات من البحث والتجريب . إستسلم الأمير إلى أن للمكان سره المميز وطبيعته الخاصة . التي يمكن أن يفقد البشر بها صوابه ويتعلق به كثيراً . ويفقد قدرته على النوم بعيداً عنه . وتمكن الأمير من تكرار التجربة مع أناس أخرين . إعترفوا له بأنهم لم يتمكنوا من النوم خارج إكتشافه ومزرعته السعيدة الجديدة . التي أصبت بعد سنوات قلعته الرسمية لآنه لم يتمكن من النوم جيداً خارها.