كتب هشام صلاح
لاشك أن صوت عبد الحليم شغل الناس جميعا من خلال موهبته وذكائه والشجن فى صوته ، وأغلبنا ارتبطت حدث ارتباط وثيق بين أغانيه وقصص ومواقف فى حياتنا حتى صارالعندليب رسول المحبين وصوت العاشقين إذا ما اشتكوا كانت ” صافينى مرة ” وإذا ما نشب بين المحبين الخلاف كانت ” بتلومونى ليه ” وإذا ما تألموا كانت ” فى يوم فى شهر فى سنة ” فتربع العندليب فى قلوب المحبين حتى صارت كل حبيبة ترى صورة حبيبها من خلاله
ورغم مرور 40 عامًا على رحيله إلا أن ذكراه مازالت حاضرة كل عام فى ذاكره عشاقه الذين يحرص أغلبهم على زيارة مسكنه وفبره ليستعيدوا ذكرياتهم معه
ولعل الذكاء الفطرى للعندليب وحرصه على جودة الاختيار جعله يختار مجموعة من كبار الشعراءإلى جانب أعظم الملحنين ليتعاون معهم وذلك حتى يضمن تغليف موهبته بغلاف رائع من الكلمات والالحان
* ولنتعرف على مواقف وقصص الغرام الحقيقية التى عاشها عبد الحليم من خلال أغانيه /
** أغنية “زي الهوى”
جاء فى مذكرات أحد أصدقاء عبد الحليم عن هذه الأغنية قوله :
أن العندليب كان فى طريقه للمغرب لاحياء إحدى حفلاته هناك وعلى متن الطائرة التى أقلته من لندن إلى المغرب، التقى بمضيفة اسمها “رابحة” حيث تبادل معها الحديث عن أغانيه وعن مدى عشق الشعب المغربى لصوته وفنه، وطلبت رابحة أن تقابله بعد وصولهما للمغرب فما كان من العندليب إلا أن دعاها، لحضور الحفل فى مدينة الرباط، وبالفعل حضرت وعاجلت العندليب بسؤاله:
“هل تعلم من صاحب هذا الحفل ومن هى زوجته”؟.
فرد بقوله ” لم أسمع عنهما”
وهنا أخبرته بمكانة ونفوذ صاحب الحفل ،
فرد العندليب: “بعدم الاهتمام قائلا أنا جاى أغنى”،
وبدأ فى الغناء وظلت زوجة صاحب الحفل أمامه تستمع وتنظر إليه، وفور انتهائه سارعت إليه، وتحدثا معا، وفى نهاية الحديث طلبت أن تلتقيه، والتقيا، وأثناء اللقاء الأول قالت له إنها تحبه، وأخبرها العندليب أنه معجب بها، ثم عاد إلى لندن وترك معها عنوان شقته هناك لتراسله.
فكانت رسالتها الاولى باللغة الفرنسية، فطلب من صديقه الموسيقار منير مراد،ترجمتها فقال إنها تقول” إن لقاءك معها كان وقتا جميلا، لكنك إنسان غامض، لذلك ليست متأكدة من مشاعرها تجاهك”
ثم كانت الرسالة الثانية وترجمها أيضا منير مراد قالت فيها ” إن حبك لها “زى الهوا”.
وهنا ظل عبد الحليم يردد مع نفسه “زى الهوا يا حبيبى زى الهوا”،
وعلى الفوروتحدث إلى الشاعر محمد حمزة والموسيقار بليغ حمدى ليحضرا إلى لندن، وطلب منهما إعداد أغنية يكون مطلعها “زى الهوا يا حبيبى زى الهوا”، فكانت الأغنية
** أغنية “صافيني مرة”
“صافينى مرة وجافينى مرة.. ولا تنسنيش كدا بالمرة” كلمات هذا الرجاء كانت بوابة عبور العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ إلى الشهرة، وإلى قلوب جمهور لم يكن يعرفه قبل تاريخ غناء تلك الأغنية فى حديقة الأندلس، فقد كانت سببا فى شهرته وقد غناها فى فيلم “أيام وليالي” عام 1955.
أغنية “في يوم في شهر”
من أجمل أغانى عبد الحليم كتبها بعد رحيل حبيبته الوحيدة ديدي، والتى ذكرها فى مذكراته، أنها ذات العيون الزرقاء وقال أننى اكتشفت من خلال حبى لها أن للحياة معنى وأن الشمس من حقها أن تشرق كل صباح وأن الغروب من حقه أن يأتى وأن الإنسان من حقه أن يتنفس.. كانت جميلة للغاية وأشتقت إليها الآن وعشت قصة حبى لها خمس سنوات.. أقسم بالله العظيم يمينا أسأل عنه يوم القيامة أننى لم أكن أحب واحدة من النساء مثلما أحببتها وليكن اسمها ليلى، وليلى ليس اسمها لأن الاسم يجب أن يظل سرا.. هى الآن ذكرى.. لا أعرف كيف تتحول الضحكة واللمسة والأمل والحلم إلى ذكرى.. إننى ما رأيت فى حياتى عيونا فى مثل جمال عينيها.. عيونها زرقاء رمادية بنفسجية لا أدرى لكنى كنت أعرف أن عيونها ملونة بالبهجة والأسى فى آن واحد.. أ
** أغنية “التوبة”
يروى الشاعرعبدالرحمن الأبنودى فى أحد لقاءاته الصحفية “أنه تم خطفه فعليًا لمقابلة حليم، حدث ذلك حين كان بصحبة رشدى وبليغ فجأة وجد أمامه اثنين يرتديان ملابس ونظارات سوداء ، وقال أحدهما بصوت حادة:
“حضرتك الأستاذ الأبنودى؟ من فضلك عايزينك معانا شوية”، وبعدما ظن الابنودى أنه معتقل، أخذ فى سيارة إلى عمارة بحى الزمالك، صعد إلى الشقة وجد أمامه عبد الحليم حافظ”.
وأكد أن العندليب طلب يومها من الأبنودى أن يكتب له أغنية، وقال: “أنا عايز أغنى باللغة بتاعتك دى عشان عاجباني، بس أنا مقدرش أقول المسامير والمزامير زى رشدي” -يقصد مقطع من أغنية عدوية.
رد الأبنودى : “أنا وبليغ هنعملك – وأنا كل ما قول التوبة “، وكان وقتئذ بين بليغ وعبد الحليم ونجح الابنودى إزالته ، وعندما سمع عبد الحليم الأغنية أول مرة غضب بشدة بسبب مقدمة الأغنية، وقال عنها أنها تذكره بالموسيقى الخاصة بالسيرك والملاهى الرخيصة فى العاصمة الفرنسية باريس.لكنه أقتنع بها بعد نجاحها مع الجماهير
** أغنية “من غير ليه”
قال الشاعر الغنائى الراحل محمد حمزة أنها آخر قصة حب فى حياة عبد الحليم حافظ، التى اعترف بها العندليب له، وكانت فتاة فى السابعة عشرة من عمرها، وكان حليم صديقا لجدها الوزير وبلغ الحب مبلغه لدرجة كان يذهب إلى جدها بصفة مستمرة ليشاهدها.
وحاول محمد حمزة وبليغ حمدى عندما كانا مع العندليب بلبنان إبعاده عن تلك القصة، لكنه رفض واعتزم أن يتقدم لخطبتها، لكن قبل أن ينطق فاجأته الفتاة بقولها “أنا اتخطبت هتغنى فى فرحى يا عمو”، وكانت صدمته عندما تبين حقيقة مشاعرها نحوه، حيث اعتبرته بمكانة الأب وليس الحبيب، بعدها اختار العندليب أغنيته “من غير ليه” التى رحل ولم يكملها.وكان قد غنى لها من قبل
** أغنية “حبيبتي من تكون”
كما سجل فى حب تلك الفتاة واحدة من أهم أعماله الغنائية وهى “حبيبتى من تكون” كلمات الشاعر خالد آل سعود وقال فيها: “صغيرتى أنا لن أقول شيئا وأبدا أبدا لن أقول.. فحرصى عليكى كحرص نفسى على الحياة لكى تطول.. صغيرتى لا تخافى واهدئى.. ولا تبالى أننى يا حبيبتى أخف هواك عن العيون فكيف منى يعرفون”.
وهكذا كانت رحلة عبد الحليم من خلال بعض أغنياته التى كانت كاشفة لما مربه من حكايات حب وسهاد وألم تلك الاغنيات التي خلدت صاحباتها فترجمت الأغانى تلك التجارب لتصير سيرة ذاتية له وذكرى لكل محب ومحبوبته تذكرهما وتجدد فى نفوسهما ما رحل من حنين