عادل عامر
أن السياسات الحكومية لدعم استيراد الدواجن من الخارج تهدد الصناعة المحلية للدواجن، وتقلل من الثقة فى الصناعة المحلية، كما تقود إلى تهديد الاستثمارات المتوقعة لتطوير صناعة الدواجن، وانعكاسها سلبيا على البعد الاجتماعى فى مصر، لأن الاستيراد بدون جمارك يعنى دعم الصناعة الأجنبية أمام الصناعة المحلية، ويؤدى إلى غياب المنافسة بين الإنتاجين المحلى والمستورد
استهلاك 92 مليون مصري يعيشون داخل مصر وفقا لأرقام جهاز الإحصاء ليونيو 2016م يصبح لدينا استهلاك سنوي مليون ومائة ألف طن لحم! ولو قارنا طاقة الإنتاج كما شرحناها أعلاه، وحسبنا صافي إنتاج اللحم وفق معدلاته في القطاع الصناعي لكان إنتاجنا من التربية المنظمة 880 ألف طن، ومن التربية المنزلية 400 ألف طن! أي قرابة مليون وثلاثمائة ألف طن! نعم، هناك سنوات انخفض فيها الإنتاج لأسباب وبائية أو بسبب تدني الأسعار وخسائر يتكبدها المربون، ولكنه لم ينخفض كثيرا عن مليون طن، وبالتالي كان السوق المتاح للمستورد لا يتجاوز 10% من الاستهلاك! لكن قبل عشر سنوات، أي قبل بداية أنفلونزا الطيور كانت صناعة الدواجن تحقق الاكتفاء الذاتي بالكامل وتحقق فائضا للتصدير يقلل من عجز الميزان التجاري في مصر ولا يضيف إليه!! وهي الحال التي ينبغي العمل على استعادتها
تمثل صناعة الدواجن في مصر.
1- يعمل في قطاع صناعة الدواجن 2.5 مليون عامل.
2- استثماراتنا في صناعة الدواجن تصل إلى 65 مليار جنيه وانهيارها يكلف الدولة 250 مليار جنيه.
3- إنتاج مصر من الدواجن مليار و200 ألف فرخة سنويا أي بنسبة من85 % إلى 90%.
4- نستورد 150 مليون فرخة أي حوالي من 12 إلى 15%.
5- نستورد مستلزمات إنتاج لصناعة الدواجن حوالي 85%.
6- نستورد 85% من الأمصال واللقاحات اللازمة لصناعة الدواجن.
7- صناعة الدواجن تحتاج سنويا إلى 7 ملايين طن ذرة صفراء.
8- مصر تنتج حوالي مليون طن من محصول الذرة الصفراء ويتم استيراد 6 ملايين طن لصناعة الأعلاف وهذا ينطبق على الفول الصويا.
9- سعر كيلو الدواجن خلال الخمسة أعوام الماضية يتراوح مابين 15 إلى 17 جنيه في المزرعة رغم أرتفاع الأسعار وتكلفة الإنتاج إلا أن السعر لم يزيد.
10- أعلى سعر وصلت إليه الدواجن في تاريخ صناعة الدواجن في مصر بلغ 22 جنيه في شهر رمضان الماضي.
إن الواقع المؤلم الذى تواجهه هذه الصناعة الوطنية المهمة يكشف أن تصريحات المسئولين حول تشجيع الإستثمارات ودعم المستثمرين مجرد شعارات وكلمات للإستهلاك المحلى أن هناك العديد من المشاكل والأزمات التى تواجهها تلك الصناعة فى الوقت الحالى من بينها استمرار عمليات الإستيراد من الخارج والتى تعد كارثة بكل المقاييس على الصناعة والعاملين فيها .. وهنا أسجل إعتراضى وتحفظى على التصريحات الحكومية التى يعلن فيها المسئولون أنهم يستهدفون تحقيق صالح محدودى الدخل لأنها كلمة حق يراد بها باطل ..والدليل على ذلك أن هذه المنتجات المستوردة لا تصل إلى المستهلك لأن الغالبية العظمى من الكميات المستوردة عن طريق الجهات الحكومية يتم بيعها للمطاعم والفنادق ومحلات وشركات تصنيع اللحوم والدواجن لتصل فى النهاية للمستهلك المصرى بأسعار مرتفعة رغم تحمل الدولة لمئات الملايين من الدولارات فى عمليات الإستيراد .. أن عدد كبير من المحلات تقوم بما يسمى بعملية (التسييح ) للدواجن المستوردة وتباع بعد ذلك للمستهلك على أنها طازجة .وتؤكد كل الوقائع أن المنتجين فى هذا القطاع يتعرضون لضغوط رهيبة فى مقدمتها زيادة المعروض من الدواجن واللحوم المستوردة من الخارج وهو ما يؤثر على المنتج المحلى . أن من بين المشاكل أيضا كثرة الأعباء التى يواجهها الصناع والمنتجون ومنها زيادة نسبة الجمارك على أدوات ومعدات الإنتاج المستوردة ومنها فرض جمارك بسنبة 60 % على معدات التبريد والتكييف و20 % لمعدات التفريخ و15 % لخطوط الأعلاف ..وبعد أن يتحمل المنتج كل هذه الأعباء يواجه أزمات ومشاكل آخرى منها قيام المنتج بدفع ضريبة مبيعات وفواتير كهرباء ومرتبات وعلاوات واجبة الدفع للعاملين لمواجهة الأعباء المعيشية للعاملين .. فكيف سيستطيع هذا القطاع الذى كان يساهم فى التصدير للخارج حتى عام 2006 مواجهة كل هذه الأزمات وسط هذه الظروف الصعبة غير المسبوقة .
ومن بين أبرز الأزمات التى تواجهها الصناعة المشاكل التى تنتج عن وجود من يسمون بالسماسرة أو الوسطاء ما بين المنتج وبين المستهلك .. فالواقع يؤكد أن المستهلك المصرى يحصل على كافة السلع سواء الضرورية أو الترفيهية بأسعار مبالغ فيها وتفوق بكثير الأسعار التى يحصل بها الوسيط على السلع من المصنع .. وهنا تصبح المشكلة معقدة فالصانع والمستهلك يقعان فريسة لأطماع وجشع الوسطاء ,
أن مشكلة الحلقات الوسيطة تزداد حدتها يوما بعد يوم لأن هؤلاء الوسطاء لا يقومون بإستثمار مبالغ مالية كبيرة تكون داعمة للإقتصاد وليست لديهم أعداداً كثيفة من العمالة ولا يقومون بدفع أى نوع من أنواع الضرائب للخزانة العامة للدولة , ومع ذلك يحصلون على أرباح خيالية فى ساعات أو أيام قليلة ..ويحدث ذلك فى الوقت الذى تستمر فيه معاناة المنتجين والصناع والذين يقومون بإستثمار مبالغ مالية كبيرة ويقومون بتشغيل أعداد هائلة من العمالة ويدفعون الضرائب ومستحقات التأمين على الموظفين والعاملين .
إن وزارة الزراعة لا تقوم بدورها المطلوب فى حماية وتشجيع صناعة الدواجن .. والدليل على ذلك أن هذه الصناعة لها اتحاد معنى بإدراة شئونها وهو الإتحاد العام لمنتجى الدواجن والذى أنشىء بموجب القانون رقم 96 لسنة 1998 والذى منحه القانون العمل علي حل المشاكل ومواجهة معوقات صناعة الدواجن و التنسيق الكامل في ذلك مع كافة الأجهزة المعنية بالدولة . ومع ذلك نفاجى بأن الوزارة تحارب وتتجاهل هذا الإتحاد , والدليل على ذلك قيام وزير الزراعة السابق د.عادل البلتاجى بإلغاء وجود الأعضاء الممثلين للإتحاد فى لجنة الصناعات الإستيرادية والتى من أهم وظائفها إقرار الموافقات على الإستيراد من الخارج .
أن من بين المشاكل أيضاً الحالة الوبائية وأعنى بها التداعيات التى نتجت عن مرض انفلوانزا الطيور التى ظهرت فى مصر عام 2006 وما تزال نتائجها مستمرة حتى الآن …وهى الأزمة التى تعرضت فيها مصر لعملية نصب منظمة من جانب بعض الشركات الكبرى العالمية التى تقوم ببيع كميات كبيرة من الأدوية والتحصينات وتخصص عمولات ليست بالقليلة وهدايا قيمة وسفريات خاصة للأطباء البيطريين الذين يقنعون أصحاب المزارع بإستخدام تلك الأدوية والتحصينات ,وتقوم تلك الشركات عن طريق هؤلاء الأطباء – القبيضة – بعمليات تخويف للمنتجين وإقناعهم بإستخدام التحصينات بحجة أنها كفيلة للقضاء على المرض ,وهى كلمات حق يراد بها باطل
لأن معظم الدول الى نجحت فى محاصرة المرض منعت استخدام التحصينات ,والحل الأمثل هو اعدام الدواجن المصابة فى محيط كيلو فى المنطقة الموبوءة ومنع دخول أو خروج الدواجن لمسافة 3 كيلومترات من المنطقة الموبوءة وبعدها يتم حصر الخسائر وتعويض المتضررين من المنتجين .
هذه بعض المشاكل والازمات التى توجه واحدة من أهم الصناعات المهمة فى مصر , ولذلك نتمنى أن تبادر الحكومة ممثلة فى الوزارات المعنية والجهات الرسمية ببحث هذه المشاكل وحلها لإنقاذ الصناعة والعاملين فيها قبل فوات الأوان
حقائق وأرقام
– صناعة الدواجن يعمل بها أكثر من 3 ملايين مصرى وتتجاوز إستثماراتها ال 35 مليار جنيه
– هذه الصناعة كان لمصر فيها باع طويل وكانت من بين الدول المصدرة للدواجن حتى عام 2006 .. وبعدها تحولنا إلى مستوردين من الكثير من الدول دون مراعاة للجودة أو شروط وضوابط الذبح الحلال.
– هناك نحو 8 ملايين فرد يتعيشون من هذه الصناعة بما يعادل 7% من سكان مصر.
– 70 % من مزارع الدواجن تعمل بدون تصاريح .
– قطاع الدواجن هو القطاع الزراعى الحيوانى الوحيد الذى استطاع تحقيق الاكتفاء الذاتى قبل عام 2006 وقد شهدت الفترة من 2002 إلى 2006 تصدير من 12 الى 15% وهى فائض الإنتاج المحلى الى بعض الدول الإفريقية ودول الخليج من الأمهات والبياض إلى أن ظهرت انفلونزا الطيور عام 2006 فتوقف التصدير حتى الآن
– مصر تستورد نحو 5ملايين طن سنويا من الذرة الصفراء و30% من هذه الكمية من كسب فول الصويا (تمثل الذرة وكسب فول الصويا 90% من الاحتياجات الغذائية للدواجن)
– استمرار إستيراد الدواجن يعد كارثة ستكون لها تداعيات كبيرة فى الفترة القادمة .. حيث أن هذه الدواجن تصيب من يأكلها بأمراض خطيرة , وذلك بسبب استيراد دواجن منتهية الصلاحية وتم تخزينها لفترة طويلة ..ومعظمها تكون أوشكت على انتهاء صلاحيتها ولا يقوم المواطنون فى تلك الدول بتناولها ولهذا يصرون على تصديرها لمصر ..والكارثة أنه أثناء عملية الشحن إلى مصر يتم وضع معظم هذه الدواجن فى أكياس وعبوات جديدة ويتم كتابة تاريخ صلاحية عليها لمدة عام قادم للتأكيد على أنها ما تزال صالحة للاستهلاك الآدمي على عكس الحقيقة .
– مصر تنتج حوالي 900 مليون من دواجن التربية و900 ألف ديك رومي و20 مليونا من البط سنويا .
– مصر تستورد سنويا ذرة صفراء وفول صويا ب 8 مليارات دولار منها 4 مليارات دولار للذرة ومثلها لفول الصويا )
أن سعر طن فول الصويا من أسبوع كان سعره 4100 جنيه، ارتفع سعره إلى 6200 جنيه بزيادة 50%، فيما كان سعر طن الذرة الصفراء بـ 2000 جنيه ووصل إلى 2500 جنيه. وأن كبار منتجي أعلاف الدواجن والأسماك استغلوا ارتفاع سعر الدولار في مواجهة الجنيه مؤخرا وقاموا برفع جميع أسعار الأعلاف بشكل مبالغ فيه ولا يتناسب مع الأسعار العالمية في ظل غياب الرقابة، وتوقع أن يؤدي ذلك لزيادة أسعار الدواجن البيضاء وجميع أنواع الأسماك.
إن ارتفاع سعر فول الصويا والذرة الصفراء وهما المكونان الأساسيان في علائق الأسماك والدواجن والحيوانات، وسيؤدي أيضا إلى ارتفاع أسعار العلائق بوجه عام، مما يترتب عليه ارتفاع المنتج النهائي من الأسماك والدواجن، وسوف يترتب عليه أيضا ارتفاع تكاليف الإنتاج، مما يشكل عائقا كبيرا في النهوض بالصناعة السمكية والداجنة التي يعتمد عليها المواطنون في ظل الارتفاع الجنوني في أسعار اللحوم الحمراء.