نعم
لصوتها رائحة، تعبر به أثير الليل، وتصعد به درجات إلى السماء، تسحب به غطاء بالأمس كان سبب دفئها، واليوم
تضم معها النجوم وتتوسد السحاب..
نعم لصوتها رائحة، تجعل به كل حلم ليس كسابقه..
والحلم معها يكفي يوحدنا لمائة عام..
ظل يشم رائحة صوتها وهو يردد :
احبك
دون أن ينطقها لسانه، أمسك بيدها ليعبرا الطريق إلى أحد الأماكن، فقد اعتادا الجلوس في أحد الكافيهات، كان يمسك يدها وكأنه يغلفها بروحه لكي لا يراها أحد سواه..
ظل عقله شاردا، يفكر كيف يبوح بما في فؤاده، كانت هي بجواره كوردة سقطت بين يديه، ناعمة، هادئة، خجولة، ليس كعادتها..
وهو بشروده مازال غارقا، توجها نحو الأسانسير بخطوات تعرف الطريق، ضغط على مفتاح الدور الأخير، تعجبت هي، فالكافيه في الطابق الثاني، يمسك يدها مرة اخرى وكأنه اخذ قراره ليتحدث، التفت إليها، و طبع فوق شفتيها قُبلة…
قُبلة واحدة.. دون حرف ينطق أو كلام يقال ليسمع..
صمتت هي في ذهول، وكأنها اطمأنت بعد سنين خوف وعجاف..
ظلت طيلة جلستهما صامتة، لا تعرف ما يجب أن يقال، أما هو فكاد يذوب في مقعده، ظل يسأل نفسه حقا ما حدث، حقا انفجرت مشاعره؟ وحدث السيل، حقا قالها دون كلام، لكن كيف يختصر كل شئ بداخله في لحظة بقُبلة؟ كيف يكون إنهيار السدود والحواجز بقطرة ماء؟ التفت إليها مرة ثانية، زادت ضربات قلبها وتراجعت للخلف فوق الكرسي، خشية أن يفعلها مرة أخرى، لكنه أمسك يديها واحتضنهما بين كفيه، نظر طويلا في عينيها ليزيل عنها اضطرابها فهدأت وانتظمت انفاسها..