في بادئ الامر يجب ان نستوضح للقارئ والسلطة والكاتب المثقف ومن هو مثقف بالصدفه.
ومن هو مدعي الثقافه…
ان هناك فرق شاسع بين الدولة ككيان ومرافق وادوات وملكيه عامة تخص المواطن الذي دفن في باطنها والمواطن الذي يتنفس عليها والمواطن الذي سيخلف هذا…
وبين السلطة التي تحكم وتدير وتنظم شئون الدولة..
اذن الدولة اصل عيني لا يفني ولكن ينموا وينكمش الدولة تمرض ولكن لا تموت. ادواتها ومرافقها ينطلي ما انطلي عليها من قدسية…
اما السلطة. فهي متغيرة ومتجدده ومتعدده تقبل التمدد تحت غطاء معتقد ايدولجي او معتقد ديني او خليط بينهم ومن الممكن ان تنكمش ايضا لذات السبب. السلطة مظهر خارجي للدولة. تمرض وتنفي وتعزل وتنسف وغيره من ادوات العقاب والجزاء وكذا تقبل النموا تحت راية تقديمها لنموذج ادارة رفيع المستوي يلبي طموح الدولة في مجمل احلامها…
لذلك لم تعد تعاني الدول التي لديها وعي عام ومواطنيها وسلطتها
في فهم التفرقة بين الدولة والسلطة الرسميه والسلطة الفعليه..
اما ما تعانيه الدول حديثة العهد بالوعي وانماط المعرفه او الدول الملكية ملكية مطلقه لها بحيث تملك البشر والحجر او الدولة التي يحكمها الحاكم الفرد المستبد.
تعاني من كون ان النخبة من مثقفيها خدعوا السلطه الرسميه والمواطن بان جعلوا السلطة الرسمية ظل الدولة متنفس الدولة صار الحاكم واستبداده والملك العضود هو الدولة.
وصارت مرافق الدولة العامه والخاصه وايضا شعبها ملك للسلطة فأن فني السلطه فنت الدولة…
لهذا ادخلت معول الخوف علي السلطة محل الخوف من ضياع الدولة وراحت تقنن وتشرعن وتصدر قوانين تؤيد وتأبد لهذا المنطق..
فعندما يفيض الشعب وينتفض لاسترداد دولته وكرامته خلط بين السلطة الغاشمة ودولتها فصار يصب غضبه علي دولته باعتبارها دولة ظالمة. وصار يحرق ويدمر مرافقها واحيانها يعرضها للانقسام دون وعي..
لهذا لجأ الي تلقي المعرفة من الغير وما ادراك ما الغير اما جاهل او كاره او عدوا… وحتي يمكنه ان يساهم في عدم عودة الاستبداد كان عليه ان يحقق في عدم العدوان علي حريته بما يسمي العمل المدني في شكله الفردي او المؤسسي وهنا تلقفها الخائن من الداخل او عدو الخارج وراح ينفر السلطة من المواطن والعكس صار حقيقة..
ومن هنا فقدت السلطة ثقتها في مواطنيها واخذت علي عاتقها تهذيب وتأديب المواطن الخائن وراحت تصب قوانين رادعة دون وعي ولم تلحظ ان العنف المقنن في شكل تغييب الحرية بالسجن لن يستطيع ان يمحمو العنف العشوائي سواء فعل او فكر. ومع كل تضييق علي الحرية تنموا شجرة الكره للدولة والسلطه ويصبح شعار ما جدوي الدولة ونحن عبيد لديها او مواطنين فلتذهب الي الجحيم ونشفي غليلنا في ضياع اهل السلطه..
الامر الذي اعاد دول بكاملها وامبراطوريات الي عالم التخلف والبداوه واسست الي قيام نزاعات دمويه لاي سبب وصار الدم هو ترياق من يدافع عن الحرية حتي اذا ما استلوي علي السلطه وتنفس المواطن الصعداء بأن جاء بأهل جلدته يكون هذا القادم من حقول العنف والدم تلوث وتلون بالدم وصار اكثر استبداد وعدوانيه للحرية وتعاد الكره حقبه زمنيه خلف حقبه وتذهب الدولة وعناصرها الي الجحيم وفي افضل احوالها الي الجهل العلمي والعملي والفكري وهي كذلك علي هذا النحوضاعت بين دهاليز العالم وخفت نورها وتبدد….
لذلك ان ماسطره المشرع تحت رغبة السلطه من تغليظ العقوبات السالبه للحرية ماديا وماليا وكذلك اصباغ صفة الخائن علي كل من يتناول العمل المجتمعي لهو خطأ استراتيجي تقع فيه السلطه ذالك ان فقه الواقع سيدفع الطرف الضعيف ان يتلقي النصيحة من العدو الكاره او الصديق الجاهل وكذلك يدفعه الي العمل السري والعيش في انفاق الفكر وخفافيش الظلام ويخرج الي الحياة جيل ممسوخ ومسلوخ عن وطنه ومعتقده..
فنكون قد صنعنا اشرس عدو بيننا من بني جلدتنا لايقل ضراوة عن مجمل اعداء الخارج. ولكي نكون واقعيين ومثاليين لتناول هذا العمل المدني..
يجب قبل توقيع الجزاء اعادة تأهيل المواطن ونخبته فكريا ومعرفه عن ماهو العمل المدني وتقديم صورة مشرقة له والدفع بجرعات من الحرية وترك مساحات لكي يخرج الذي يعمل في الخفاء الي العمل في العلن. بان يصدر العفوا العام عن الماضي واعادة ادراج المواطن الشارد في كشوف الوطنيه المزعومه التي سطر ابجدياتها سلطة غاشمه تمهيدا لالغاءها…
فإذا ما قننت للحرية وللفهم العام والمعرفه وجعلت انوار الحرية ومشاعلها صوب كل طريق.. صار من ينحرف عن هذا الطريق يستحق اعتي جزاء بلاشفقه ولا رحمه…
وبعبارة اخري…
ان قانون الجمعيات الاخير لن يكون هو المانع او الحائط الذي قومته السلطه لحماية الوطن. بل صار هذا القانون ايقونه صنعتها السلطه ليظل في ذهن العمل التشاركي ان هناك خطر داهم وان علي الجانب الاخر من الدولة يقبع جلاد وبيده عصي وبندقيه واغلال لمن تراود له نفسه ان يمر من هنا تجاه الدولة. فإذا ما تملكت الصورة الذهنية طرفي العلاقة انسحب المواطن من العمل العام العلني الي العمل الخاص السري…
وانعكس ذلك علي اداء السلطه بان لاتنام خشية ان نتفجر الارض من تحت قدميها ويخرج وحش عجزوا عن متابعته ليأكلها اخضر ويابس. وما بين هذا وذاك تأفل طاقات وابدعات ابناء الدولة وتتقزم احلامهم الي فقط الحق في الحياة. هنا السؤال من الذي يربح ؟وما صار في سوريا والعراق وليبيا واليمن الا صورة ناصعة البياض لهذا الجرم الذي ارتكبته السلطة في حق دولتها وحق مواطنيها..
لذلك صار علي السلطة ان تصحح الاوضاع بنفس الية ووسائل ما صنعته .هذا ما سوف نستبينه في المقال القادم