بادئ ذي بدء أقول: تجديد الخطاب الديني أو الدعوي بلفظة أدق؛ وذلك لأن الخطاب الديني الذي هو خطاب الله للمكلفين لا يتجدد، إنما الذي يتجدد هو الخطاب الدعوي.
وجدير بالذكر أن الخطاب الدعوي ركائز تجديده أمران:
أحدهما: تجديد المخاطب بكسر الطاء المهملة، والثاني: اختيار الخطاب المناسب مع فهم الواقع.
ولا شك أن اختلال أحد هذين الأمرين يؤدي بنا إلى خطاب ديني معوج عن المسار السليم، فلو أن شخصًا ادعى أنه داعية مع كونه غير مؤهل، ثم أراد أن يدعو الناس ويعلمهم فإنه يضر ولا ينفع؛ لأنه يضع النصوص الشرعية في غير محلها؛ لفهمه المغلوط لها.
ومن ثم يظهر لنا خطر يخاطبون الناس وهم غير مؤهلين؛ لأن خطابهم المغلوط للعامي ينتج عنه فهم مقلوب؛ لهذا الدين، وبالتالي تحدث الفوضى الدينية المدعاة من هؤلاء زورَا وبهتانًا دينًا صحيحًا، ويخرج علينا المتشددون فيما لا تشديد فيها أو المتساهلون فيما لا تساهل فيه.
ومن ثم فإني أدعو من خلال هذا المنبر الإعلامي وزارة الأوقاف إلى إقامة ورش عمل لتقييم وتقويم الإمام أو الداعية الذي يخاطب الناس.
ومما تجدر الإشارة إليه أن الخطاب الديني لا يعتريه الإعوجاج، إنما لو وضعه المخاطِب بجهل في غير موضعه أو فهمه فهمًا مقلوبًا لوقعنا فيما نخافه ونفر منه من الاعوجاج ولفوضى.
ورحم الله سيدنا الإمام الشافعي إذ فطن مبكرًا لهذا الخطر، فقال: “ومن تكلف ما جهل، وما لم تثبته معرفته كانت موافقته للصواب -إن وافقه من حيث لا يعرفه- غير محمودة، والله أعلم؛ وكان بخطئه غير معذور، وإذا ما نطق فيما لا يحيط علمه بالفرق بين الخطأ والصواب فيه” ا.هـ (الرسالة، ص50).