إعداد/ محمد مأمون ليله قال الشيخ المكرم/ أحمد محمد علي حفظه الله:
(توحيد المُلْك)
يذكر الشيخ الأكبر قدس الله سره في قول الحق – تعالى -: ﴿ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ﴾ [الأعراف: 158] وهو التوحيد التاسع في مواضع القرآن، توحيد الهوية في الاسم المرسل، وهو توحيد الملك، ولهذا نعته بأنه يحيي ويميت، إذ الملك هو الذي يحيي ويميت، ويعطي ويمنع، ويضر وينفع، فمن أعطى أحيا ونفع، ومن منع أضر وأمات، ومن منع لا عن بخل كان منعه حماية وعناية وجودا من حيث لا يشعر الممنوع، وكان الضرر في حقه حيث لم يبلغ إلى نيل غرضه لجهله بالمصلحة فيما حماه عنه النافع، ومات هذا الممنوع لكونه لم تنفذ إرادته كما لا تنفذ إرادة الميت، فهذا منع الله وضرره وإماتته، فإنه المنعم المحسان، فأرسل الرسل بالتوحيد تنبيها لإقرارهم في الميثاق الأول فقال: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107]. ويرى قدس الله سره أن من وحده بلسان رسوله لا من لسانه جازاه الله على توحيده جزاء درجة اتباع رسوله، وذلك عن طريق مدى تحققه فيما حده له في قوله ورسمه، فيمشي حيث مشى به، ويقف حيث وقف به، وينظر فيما قال له انظر، ويسلم فيما قال له سلم، ويعقل فيما قال له اعقل، ويؤمن فيما قال له آمن. ومن وحده لا بلسان رسوله بل بلسان رسالته فيما أنزل في كتابه، وعلى لسان رسوله جازاه مجازاة إلهية لا تُعرف يدخل تحت قوله: “مَا لا عَيْنٌ رَأَتْ وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ” [أخرجه مسلم] وذلك أن التوحيد بلسان الرسالة أنها الغاية وما بعدها إلا الرجوع إلى النبوة؛ فليس وراء الرسالة مرمى.
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.