بقلم. د محمد على الطوبجي
أقول عن ثقة واقتناع تام : لا تصدقوا أن ما نعيشه الآن هي حروب أديان أو صراعات مذاهب وطوائف , فهذه كلها أوهام أغرقونا فيها وجعلونا نصدقها وندفع ثمنها غاليا من أمننا واستقرارنا ووحدة أراضينا ….
ما نعيشه في الحقيقة والواقع هي حروب مصالح ومؤامرات دول وسياسات ومخططات وأجهزة مخابرات لا تنام , عرفت كلها طريقها الينا وهاجمتنا بلا هوادة من نقاط الضعف فينا , وأبرزها عواطفنا الدينية بانفعالاتها الجامحة التي تجعلنا نفقد السيطرة علي عقولنا , وننخدع بما يلقون به الينا ونتصرف كرد فعل له بلا تفكير .
ما يجري الآن أمام عيوننا بعد أن انكشف المستور واتضحت الحقائق بعد كل هذا الخداع الذي ضللونا به , وأعني به ما يحدث حاليا من تقاربات وتحالفات كشفت عن نفسها فجأة بين أصحاب المذاهب المتعارضة في طهران والدوحة حيث يعيشان مع بعضهما الآن عصرا ذهبيا من العلاقات المتبادلة والمصالح المشتركة والمشاعر الودية التي لم تكن يوما هكذا , يدعونا لأن نفيق من غيبوبتنا , ونتصالح مع أنفسنا , ونواجه الواقع من منطلقات جديدة , وبروح جديدة , وحسابات جديدة لا مجال فيها لمثل هذه الأوهام التي تبالغ في تصوير تأثير الدين علي علاقات الدول ببعضها ويجعلها تحدد مواقفها منها علي هذا الأساس , فهذا كله لا وجود له في الواقع , واضاعة للوقت في ما يجب ألا يضيع فيه .
دعونا نفهم عالم الشياطين والمؤامرات الذي نعيش فيه علي حقيقته حتي نعرف كيف نتعامل معه بعيدا عن وهم كبير اسمه صراع الأديان والمذاهب والطوائف , هم الذين اخترعوه وهم الذين روجوا له وهم الذين أغرقونا فيه . انظروا الي ما تفعله اسرائيل وايران وتركيا لتروا موقع الأديان والمذاهب وصراعاتها المزعومة التي رسخوها في أذهاننا , في كل ما يجري علي الساحتين العربية والاقليمية الآن . فأمام صراعات المصالح تنزوي وتتراجع صراعات المذاهب والأديان , فالمصالح , وليست خلافات المذاهب , هي الشرايين التي تغذي الدول والشعوب بدماء الحياة . هذا ما فهموه ولم نفهمه , ولهذا تقدموا وتركونا نتراجع خلفهم .