سعيدة فريو (قابلة) / استشارية الصحة الإنجابية
متابعة :لسعد الحر زي / مدير مكتب تونس
يقارن علماء النّفس بين الأطفال الذين خرجوا للحياة فوجدوا الحب ّو الحنان منذ اللّحظة الأولى، و بين أولئك الذين خرجوا للحياة و كأنّ خروجهم غير مرغوب فيه..
إنّ الأوائل يشبّون بلا عقد نفسيّة، و يكونون أكثر تقدُمًا في دراستهم، وأكثر سعادة في حياتهم عن الآخرين الذين يحرمون من ضمّة الذراعين و الصوت الحنون الذي يطمئنهم، وقد يصابون بصدمة لدى خروجهم للحياة..!
و خلال هذه السّنوات الأخيرة أدرجت جلسات لتحضير الولادة للأزواج و أهمها طريقة”الملامسة” Haptonomie و هي تعتمد على التّواصل الحسّي باللّمس للطّفل و هو في بطن أمه مما يساهم في تطور قدراته الحسية و شعوره بالامان و الطمانينة وانه طفل مرغوب فيه.
لذلك لانبالغ إذا قلنا أن الطّفل يحتاج إلى توصيل مشاعر الحبّ و الفرح بقدومه وهو لا يزال جنينًا في بطن أمه، و يعلمنا القرآن الكريم أدب البشارة بالحمل في أكثر من موضع :
-قال تعالى مبشرًا إبراهيم الخليل عليه السلام بإسحاق عليه السلام : {وَلَقَدْ جَاءَتْرُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى} [هود: 69].
-قال تعالى في بشارة مريم بعيسى المسيح عليه السلام: {إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَىابْنُ مَرْيَمَ} [آل عمران: 45].
-قال تعالى مبشرًا زكريا عليه السلام بولده يحيى عليه السلام: {يَا زَكَرِيَّا إِنَّانُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى} [مريم: 7].
إنّ حدوث الحمل هو بشارة و رزق من عند الله حرم منه الكثير فلا شىء يبرّر العنف ضدّ زوجتك التّي تحمل جنينا في أحشائها و لا ضغوط نفسيّة و لا فقر و لا عدم اتفاق زوجي يبرّر العنف و التعدّي على مخلوق ضعيف مازال سابحا في رحم أمه في ظلمات ثلاث
و بالتالي فإننا ندعو جميع الأمهات و الآباء أن يحافظوا على هدوئهم و “يحترموا “الجنين و مشاعره نعم و هو في بطن أمه و لقد اخترت الحديث عن هذا الموضوع لما نشاهده يوميّا في مستشفياتنا من حالات العنف الزوجي ضد النساء الحوامل خلال فترة الحمل و حتي أثناء المخاض و أيضا في فترة النفاس ….
إن هذه الممارسات أصبحت للأسف مستفحلة في مجتمعنا و متفشيّة بصورة مفزعة و هي بعيدة كلّ البعد عن عاداتنا و أخلاقنا و ديننا..
لذلك فإننا نقول معا لا لكافة أشكال العنف ، لا للعنف الزوجي أو المنزلي ضد المرأة الحامل مهما كانت الأسباب و المسبّبات إذ أن الأذى الذي يلحق المرأة الحامل يكون “معدي ” لجنينها و نرجو أن يقع الخوض في هذا الموضوع “المسكوت عنه”سواءا في المجتمع و الإعلام و التنبيه من خطورة هذه الظاهرة الدخيلة عن طباعنا وعاداتنا و قيمنا و أخلاقنا و خطرها على صحة الأم و طفلها و على المجتمع ككل و قدطالبنا في هذا الخصوص بضرورة تقصي العنف الزوجي في عيادات الحمل و هذا ما دعدت له مؤخرا منظمة الصحة العالمية في ما يخص تقييم صحّة الأم و الجنين حيث أشارت أنّه ينبغي مراعاة الإستقصاء السريري بشأن إمكانية حدوث عنف العشير مراعاة شديدة أثناء زيارات الرعاية أثناء الحمل، عند تقييم الحالات التي قد تنتج عن عنف العشير أو تتعقّدبسببه و ذلك لتحسين التّشخيص السّريري و الرّعاية اللاحقة، عندما تتوافر القدرة على تقديم استجابة داعمة ( بما في ذلك الإحالة عند الاستقصاء)و عند استيفاء الحد الأدنى لمتطلبات منظمة الصحة العالمية..