د. محمد مأمون ليله
استكمالا لما سبق نشره حول قواعد التعامل مع التصوف وأهله أضيف فأقول: لا يمكن معاملة المتصوفة كلهم بنفس المقياس، بل توزن أقوالهم وأفعالهم بما وضعه سيد الناس، مع الوضع في الاعتبار أنهم استخدموا الرمزية وبالغوا فيها، وهذا لا يضرهم؛ لأن كل صاحب علم غريب يحيطه بحجاب من الغموض، وقد دخل فيهم من ليس منهم، فليوزن كل قول امرئ منهم وفعله بميزان الكتاب والسنة، فمتى وافق الحق قُبل.
كما أنه دُس على كتبهم، ونسب لهم ما لم يقولوه، وفُهم منهم ما لم يقصدوه، وهم قوم يتكلمون بما وجدوه في قلوبهم، مع الرمزية المذكورة؛ ولهذا ينبغي أن يُتعامل مع كلامهم بكل دقة، كما يجب ألا يكون عند الصوفية حساسية للنقد البنّاء، والإصلاح والبِناء.
وقد اعترف كبار الصوفية وغيرهم بهذا الأمور، فقال السيوطي في كتابه ” تأييد الحقيقة العلية ” ص57 :” وعلمت أيضا أنه قد كثر فيه الدخيل من قوم تشبهوا بأهله وليسوا منهم، فأدخلوا فيه ما ليس منه؛ فأدى ذلك إلى إساءة الظن بالجميع، فوجه أهل العلم للتمييز بين الصنفين؛ ليعلم أهل الحق من أهل الباطل، وقد تأملت الأمور التي أنكرها أئمة الشرع على الصوفية، فلم أر صوفيا محققا يقول بشيء منها، وإنما يقول بها أهل البدع والغلاة الذين ادعوا أنهم صوفية وليسوا منهم.”
وقال ابن تيمية في كتابه “الاستقامة” ج1ص163 :” والصوفية يوجد فيهم المصيب والمخطئ كما يوجد في غيرهم.”