د. بهاء حفني الشافعي
بادئ ذي بدء أقول:
لما كانت الأمم من قبلنا أعمارها كبيرة وأعمارنا قصيرة تتراوح بين الستين والسبعين فإن الله سبحانه وتعالى ضاعف لنا المثوبة في أزمنة مشرفة وأماكن مشرفة، وشرف الله المتقين بقبول أعمالهم.
وجدير بالذكر أن العشر الأوائل من ذي الحجة من الأوقات المشرفة بتشريف الله لزمنها؛ فقد جاء في صحيح البخاري عن سيدنا رسول الله: “مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَفْضَلُ مِنْهُ فِي هَذِهِ” يقصد العشر الأوائل من ذي الحجة.
بيد أني أود أن أقول: إن الله فضل العشر الأوائل من ذي الحجة على سائر الأيام، وفضل يوم عرفة على سائر أيام السنة، وهذا بخلاف العشر الأواخر من رمضان فإنها مفضلة على سائر الليالي وليلة القدر مفضلة على سائر الليالي طول السنة.
هذا وينبغي على المسلم الفطن:
ـ أن ينتبه لهذه الأيام والليالي المباركة فيحييها بطاعة الله ورسوله؛ عله أن تصيبه نفحة من نفحاتها فيغفر الله له ويعلي درجته؛ فقد قال سيدنا النبي ـ فيما رواه الطبراني في المعجم الكبيرـ: “افْعَلُوا الْخَيْرَ دَهْرَكُمْ وَتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللَّهِ فإن لِلَّهِ نَفَحَاتٍ من رَحْمَتِهِ يُصِيبُ بها من يَشَاءُ من عِبَادِهِ وَسَلُوا اللَّهَ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِكُمْ وَأَنْ يُؤَمِّنَ رَوْعَاتِكُمْ”.
ـ فأحيوا هذه الأيام بالصيام؛ لأنه داخل في جملة الأعمال الصالحة، ورواية السيدة عائشة فيما رواه مسلم: ” مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَائِمًا فِي الْعَشْرِ قَطُّ” مؤولة كما قال النووي وغيره.
ـ وأحيوها بالتوسعة على الفقراء والمحتاجين وأدخلوا عليهم السرور، وأكثروا في هذه الأيام من ذكر الله سبحانه تحميدا وتهليلا وتكبيرا.
ـ ولا تنسوا صيام يوم عرفة فإنه أفضل الأيام سائر السنة ـ كما أسلفنا ـ فبه يغفر الله ذنوب سنة ماضية وذنوب سنة آتية.
ـ ولا تغفلوا عن يوم النحر (يوم العيد) فإنه داخل في جملة العشر؛ فأحيوه بصلة أرحامكم، ولا تنسوا الأضحية فإنها من أفضل القربات في هذا اليوم المبارك.
وأسأل الله سبحانه أن يتقبل منا جميعا صالح الأعمال وأن يتقبل من جموع الحجيج حجهم.