كتب / عبدالرحمن احمد محمد خميس
لكل مجتمع عاداته وتقاليده الخاصة التي تعد جزءاً من ثقافته ومكونا أساسيا لهويته، بعض هذه العادات يتعلق بطقوس اجتماعية كالزواج والأعياد والمناسبات الاجتماعية الأخرى وبعضها الآخر بطريقة الملبس أو سلوك الأفراد وأخلاقياتهم والعادات والتقاليد هي نتاج عدة عوامل اجتماعية ودينية واقتصادية، ولكن مع تطور المجتمعات قد يختفي بعض هذه العادات والتقاليد وقد يتمسك المجتمع ببعضها الآخر فتتوارثها الأجيال الواعية بأهميتها حفاظاً على تراثها وهويتها والسؤال هنا : ما موقف أبناء جيل اليوم من عادات وتقاليد مجتمعاتهم ؟ وهل لديهم استعداد للحفاظ عليها ونقلها للأجيال القادمة أم أنها أصبحت بعيدة عنهم ولم تعد صالحة للحياة الجديدة في ظل التطور الكبير والسريع الذي تشهده مجتمعاتنا في الوقت الحاضر ؟
قيمة
ويقول «طلال الخالدى» : لدينا عادات وتقاليد تحمل قيماً معنوية كبيرة لا يمكن التنازل عنها هذه التقاليد يجب أن تبقى على حالها وأن نحافظ عليها ونصونها ونحملها إلى أولادنا والأجيال القادمة، فهي تمثل تراثنا وتراث أجدادنا الذي هو فخر لنا ، وفي الوقت نفسه لست ضد التحديث في نمط الحياة بكل جوانبها ، ولكن بحذر ووعي حتى لا نكون فريسة سهلة للغزو الفكري الذي تشهده مجتمعاتنا اليوم، لذا فإنني أحذر جميع أبناء جيلي من الانجراف الأعمى وراء تيارات الموضة الكاذبة والعادات الغربية البالية التي لا تناسب مجتمعاتنا ولا بيئتنا العربية .
أصيلة
ويضيف «ممدوح المشيخص» : ان تقاليدنا أصيلة تستحق الحفاظ عليها بهذه العبارة بدأ حديثه الذي أكمله قائلاً : إكرام الضيف، ومساعدة الضعيف والمحتاج، والمجالس ونظام العائلة الممتدة التي تضم الجد والجدة والابناء والأحفاد وغيرها من العادات تمثل تاريخنا وتراثنا وهويتنا وأصالتنا كعرب، على هذه القناعات والمبادئ تربينا، حتى أصبحت جزءاً منا، وليس من المعقول التنازل عنها مهما كانت المغريات . يضيف : لا شك أنني كأبناء جيلي أتفاعل مع التطور وكل ما هو جديد في المجتمع، ولكنني في نفس الوقت متمسك بعادات أجدادي خاصة عادات الرجل العربي التي اكتسبتها من والدي الذي كان يحرص على اصطحابنا إلى مجالس الرجال لتعلم عادات أجدادنا .
نواة
ومن تجربته يقول «نبيل البراهيم» : الأسرة هي النواة الحقيقية التي تقع عليها مسؤولية التربية والتنشئة فإذا كانت تلك الأسرة محافظة على العادات والتقاليد، فإن الأبناء سيخرجون إلى المجتمع يدعون إلى التمسك بها، وإذا كانت الأسرة عكس ذلك فإنهم سيكونون دعاة للتمرد على تلك العادات والتقاليد .
حياد
ويعتقد «عبد العظيم الحجي» أن المطلوب هو نظرة حيادية للأمور وتقييم منطقي يدعو إلى التمسك بالعادات الإيجابية والمحافظة عليها، والتخلي عن العادات السلبية لأن الهدف من التمسك بالعادات هو الاستفادة من خلاصات وخبرات الأجداد، والحفاظ على ذكراهم العطرة التي تمثل تراثنا وهويتنا التي نفتخر بها أمام الشعوب الأخرى لذا فليس من المنطقي التمسك بعادات سلبية تسيء لماضينا وتؤثر سلبا في حاضرنا . ويقول : دوماً أسعى لتطوير نفسي، وحبي واعتزازي بعادات أجدادي لا يمنعني من إدخال عادات جديدة تستحق أن تكون جزءاً من حياتنا لأنها تمثل إضافة إيجابية لنا.
تفتح
أكد «عمر الغامدى» أن المجتمع في أمس الحاجة إلى عقول متفتحة وشباب ناضج يغير ما لا يليق بمجتمعه ويحافظ على المناسب منها ، موضحا انه وأبناء جيله يختلفون عن الأجيال الناشئة بأنهم عاصروا الأجيال القديمة ، وشهدوا التطور الهائل الذي تشهده المنطقة في السنوات الأخيرة ، وبالرغم من أن التطوير سنة الكون منذ الأزل، ولكن الفجوة أصبحت كبيرة بين الجديد والقديم، حتى أصبحت المسؤولية أكبر عليهم، فهم مطالبون بالحفاظ على الموروث الشعبي والعادات والتقاليد والتاريخ وفي نفس الوقت يجب أن يواكبوا هذا التطور الهائل ويمتلكوا أدواته ليصبح جزءا من حياتهم، وإلا كانوا متأخرين عن غيرهم بدلا من أن يتقدموا بأفكارهم وإنجازاتهم .
روابط
من جهته يقول «خالد الشهراني» : ان نتمسك بما هو أصيل يزيد من تماسكنا ويقوي روابط المحبة بيننا، لأن معظم العادات والتقاليد تؤكد التقارب والتلاحم، في الوقت الذي تشجع الاتجاهات الحديثة على الاستقلالية المطلقة، والبحث عن كل ما هو جديد من دون تنقيح مما كان له الأثر السلبي في علاقاتنا، والحمد لله أنني تربيت في بيئة محافظة متمسكة بعاداتها وتقاليدها، هذه البيئة تركت أثرها الواضح علي فأصبحت العادات والتقاليد جزءاً من تكويني ولا أنكر أنني لا أتجاوب بسهولة مع نداءات التطوير التي تحيط بنا من كل جانب، حتى أن أصدقائي يصفوني بالمتشدد أحياناً .
تقليد
«سلمان العمران» يصنف نفسه من الفئة المتمسكة بعادات وتقاليد أجداده مؤكدا أن السبب الرئيسي لتعدي بعض الشباب على العادات والتقاليد، واتباع سلوكيات غير مألوفة بالنسبة لنا كمسلمين هو التقليد الأعمى للغرب، ويقول : إن شباب اليوم همهم الوحيد السعي وراء ما ينتجه الغرب، متناسين الخطوط العريضة التي رسمها آباؤنا وأجدادنا والتي لا تفنى لأن الشباب يعتقدون أن هذا هو التطور المنشود الذي يبحثون عنه.
وسائل
ويعتقد «مهند الملحم» أن أهم وسائل التغلب على هذه الظاهرة هي دور الأسرة ورعايتها لأبنائها فهي التي تعمل على بناء الشخصية بالقيم التي تحصنها من دوامة الحياة الحالية . ويرى أنه لا تعارض بين التمسك بالعادات والتقاليد والتطور فهو شخصيا متمسك بعادات أجداده وفي نفس الوقت يحب التطور ويسعى له، وتؤكد العادات والتقاليد إكرام الضيف ومساعدة المحتاج واحترام الجار، والانتماء للبيئة التي احتضنتنا، وغيرها من القيم والمبادئ التي يجب ألا يتخلى عنها أي مجتمع، فهي بالتأكيد ستدعم أي تطور ولن تقف في وجهه كما يعتقد البعض، الذين يسيئون فهم القصد من وراء التمسك بالعادات والتقاليد، وعلى الصعيد الآخر يفهم كثيرون الحداثة والتطور بشكل خاطئ فيتخلون عن عادات وتقاليد أجدادهم ويلهثون وراء كل ما هو جديد من دون النظر لجدواه . ويعتبر نفسه معتدلا في توجهاته لأنه يعيش الحاضر متسلحاً بعادات أجداده التي تصب في مصلحته بعيدا عن تلك التي تؤثر سلبا في أفكاره ومعتقداته .
راحة
ويعتبر «وجدي العبد رب النبي» نفسه مغالياً في تمسكه بمنظومة العادات والتقاليد القديمة، فهو يعشق رائحة الماضي ويتبعها أينما وجدت في المجالس والمتاحف وسباقات الهجن وحفلات الزفاف، ويقول : ان هذه الأجواء تشعرني بالراحة والاطمئنان لأنها تجسد الزمن الجميل بكل ما يحمله من مبادئ وقيم وشخصيات مشرفة على مر التاريخ، وبعيدا عنها أشعر بالغربة وسط تيارات العولمة والغزو الفكري الذي يحاصرنا من كل جانب .
ثقافة
ويعرف «محمد الحرز» العادات والتقاليد بقوله : في كل مجتمع من المجتمعات الإنسانية سلوكيات وتصرفات وأخلاقيات يكتسبها الفرد بحكم انتمائه إلى ثقافة مجتمع إنساني محدد، وتتشكل العادات والتقاليد نتيجة عوامل كثيرة منها الظروف البيئية المحيطة والظروف الاجتماعية فالعادات والتقاليد موروث ثقافي ينتقل من جيل إلى آخر عن طريق التنشئة الاجتماعية وهي مظاهر وسلوكيات يستطيع من خلالها الإنسان أن يكشف عن هوية وثقافة مجتمع معين .
عناصر
وأوضح الدكتور «يسرى عبد المحسن» أن العادات والتقاليد جزء من الثقافة المتغيرة والمتحركة باستمرار وعندما نتحدث عن العادات والتقاليد أو عن الثقافة فنحن نناقش المسألة من زاويتين رئيسيتين هما العناصر المادية والعناصر غير المادية . وعندما حدثت الثورة النفطية تغير الكثير من العناصر المادية ومثال على ذلك طريقة السكن والمأكل والملبس ولكن هذا التغيير المادي صاحبه تغيير أيضا في النمط الثقافي غير المادي ولكن هذه العناصر اللا مادية لا تتغير بسرعة تواكب سرعة تغيير العناصر المادية فعلى سبيل المثال مازال الخليجيون يحافظون على لبس الغترة والعقال كنوع من الحفاظ على العادات والتقاليد على الرغم من أن هناك تغيراً في هذا الجانب ولكنه ليس سريعا بسرعة التغيرات المادية، وهناك أيضا تغير في وظيفة بعض العادات والتقاليد، ومثال على ذلك وظيفة المجالس ففي السابق كانت وظيفتها تتصل بالمكانة الاجتماعية، أما الآن فهي تؤدي وظيفة اجتماعية وإعلامية وسياسية وغيرها وهذا الاتجاه هو من اتجاهات المدرسة التطورية في علم الاجتماع.