بعد جلسات متعددة الاركان مع حالات خرس زواجى وطلاق , وبين قيل وقال , وخيانات وأكاذيب , وضرب وتعذيب , وقفت مذهولة أمام تلك الحالة اللا منطقية وقفة رمضان صبحى على الكورة ، جاءتنى تلك المسكينة تحكى مأساة رميها باليمين المقدس حيث طلقت لسبب منطقى جدا من وجهه نظر الزوج الكادح المنهك المسكين فقد خرج للعمل تاركا لها مصروف اليوم لكى تطبخ له ” بامية ” وقد أوصها بأن تكون فى طعامة ولذاذة بامية الست الوالدة , أبدت الزوجة الطاعة والترحيب على الرغم من كونها لا تحب البامية وخاصا ” بامية حماتها ” فعلى حد تعبيرها : ” باميتها مسبكة ودسمة أوى وبتوجع البطن ” ومع ايماءات وجهها أدركت مدى أستياءها من البامية , واستطردت الى الحديث فى ذوبعة قوية جدا من الصراخ والعويل : ” نزلت أجيب البامية مالقيتش قلت فى سرى الحمد لله ربنا عارف انى مابطقهاش , فاشتريت ملوخية خضرا وياريتنى ما اشتريتها ” : “عملت الاكل وضبط البيت ولبست الحتة الحلوة ورجع جوزى من الشغل جعان طبعا ومتلهف على البامية دخل من الباب وهو بيقول هاااا فين البامية : ولسه هتكلم دخل على المطبخ فتح الحلة لقى الملوخية ,, بصلى بصه الضابط للحرامى وقالى بصوت عالى جدا أنتى طاااااااااااااااااااااالق” . وبعد أن أنتهت الزوجه من نوبة البكاء والعويل والانهيار المفعم بالكراهية للبامية أجبتها بكل هدوء أنتى ” جنيتى مازرعتى ” , فقد ألقيت عليها عبء كبير جدا من اللوم وعدم تقدير المسؤلية التى سوف تسأل عنها أمام الله ولحرصى الدائم على أن أكون منصفة للمرأة سواء كانت ظالمة أو مظلومة ” ظالمة فى أن أردها عن ظلمها , ومظلومة أن أبذل قصارى جهدى لارجاع حقها ” وفى هذه الحالة وجدت أن الزوج لها حق كبير قد هدر من جراء أستهتار الزوجة , قد يكون المشهد عبثى أو بسيط ولكن فى الحقيقة أنا آراة بعين المتخصص الذى يقرأ مابين السطور ويترجم اللوغاريتمات فالقصة ليست فى طبخ بامية أو ملوخية أو حتى مهلبية , الاصل أن حالة الكره والعدائية لام الزوج جعلت من الزوجة تدخل فى طور العند والاستفزاز بطريقة قلب الطاولة وأغفلت تماما أن أم الزوج هى أمها أيضا حتى وأن بدت تحكمات او تعاملات سلطوية عليها , للاسف الشديد حالة الندية التى أصبحت سمة هذا العصر بين الزوجين سبب أساسى فى تدمير الرباط المقدس وتبادل الادوار بين زوج و زوجة بملامح غير محددة هددت كيان أسر , وهنا أتذكر فى الماضى القريب الدفء العارم الذى كنا نستشعره فى بيوتنا المصرية وسماحة الزوج والزوجة وحرصهم البالغ فى بناء كيان ناجح وتقديس علاقة عظمها الله وذكرها فى كتبة السماوية , فى صلاح البيوت صلاح كبير للمجتمع وأستقرار البيوت هو أنعكاس جوهرى لاستقرار المجتمع , ورضينا أم لم نرضى بأننا نعيش فى حالة من العبثية والهمج وأيضا الاستهتار فى بناء بيوت مستقيمة , راسخة الاركان , لم أعد أندهش من سماع أقاصيص مختلفة وحجج مؤسفة لطلاقات وطلاقات سريعة دون مراعاة لابسط حقوق الانسانية , فهل مايحدث مؤخرا فى مجتعنا له تفسير ممنطق ؟ هل زيادة أعداد المطلقات والمطلقين فى مجتعنا وليد الصدفة ؟ لم يبقى أمامى غير النزول الى أرض الواقع مجددا بعمل حملة توعوية لكل المقبلين على الزواج بالاضافة الى أرشاد الازواج بما يتسق مع قيمنا الاصيلة وأصولنا العريقة التى خلدها التاريخ وأمتن لها العالم , لم يبقى أمامى غير الفعل الايجابي لحماية تلك الكايانات والنطف البريئة من الوقوع فى براثن الطلاق , ومهما أختلفنا فليكن الاصل هو الصد المنيع من تصدع البيوت وأنيهارها النفسى والمنعوى . ولتكن سيكولوجية البامية منذر لاشتعال الفتيل الذى يسبق الانفجار .