رسالتى إلى الوالدين
رفقا بالأبناء ساعات الغضب
بقلم هشام صلاح
ظاهرة الاختلاف بين الأجيال حقيقة ثابتة قد يغفل عنها كثيرون ولقد تنبه لذلك المسلمون الأوائل فهذا الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول :
” أحسنوا تربية أولادكم فقد خلقوا لجيل غير جيلكم “
يقول الإمام الغزالى
“إن الطفل أمانة عند والديه ، وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة ساذجة ، خالية من كل نقش وصورة ، وهو قابل لكل ما ينقش فيه ، ومائل إلى كل ما يمال به إليه ، فإن عود الخير وعلمه نشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة ، وشاركه في ثوابه أبواه ، وكل معلم له ومؤدب وإن عود الشر وأهمل إهمال البهائم شقي وهلك ، وكان الوزر في رقبة مربيه ، والقيّم عليه ..” .
وقد ورد فى الأثر عند الأصمعى :
” أن قبيحة قالت لأمها : يا أماه ، ما بال الناس يتفلون علي ؟ فقالت الأم : من حسنك يعوذونك من الحسد !
لكننا – مع شديد الأسف – فى زماننا الحاضرنعيش في زمن وأزمة ” التحطيم النفسي “
والذى من خلاله يتم إهدارطاقات الأبناء بمعول التحطيم النفسي فهذه قدرات ينفيها الاستعمال السيء للعجينة اللينة ، أيام الطفولة والصبا …
فهذا تحطيم قد يبدأ من البيت حيث الأم والأب والإخوان ، ثم تأتى المدرسة حيث المعلمين والأقران ،وقد يمتد إلى الأهل والأصدقاء ، فنرى من زل أسقطوه ، ومن أخطأ رجموه ، ومن تعثر نفوه بألسنة حداد…
لهذا لابد من والدين خبيرين وماهرين بكيفية التربية وبخاصة الصانع الأول للنشأة إلا وهى الأم
ونسوق لدورها الأساس هذين المثالين : ” محمد بن الأوقص “
كان محمد بن عبد الرحمن الأوقص ، غريب الهيئة حيث أن عنقه داخلاً في بدنه ، وكان منكباه خارجين ، فقالت له أمه :
” يا بني ، لن تكون في مجلس قوم إلا كنت المضحوك عليه المسخور منه ، فعليك بطلب العلم فإنه يرفعك” فهذه الأم الواعية المربية قد شخصت المرض والعلاج … عمل محمد بنصيحة أمه ، واجتهد ، فولي قضاء مكة عشرين سنة ، وكان الخصم إذا جلس بين يديه يرتعد حتى يقوم
والثاني ” قصة أديسون “
فقد روى أنه لما كان أديسون في الثامنة من عمره عاد إلى البيت من المدرسة وهو يشعر بالأسف ، لأن معلمه كلفه بتسليم مذكرة إلى والديه ، فقرأتها أمه والابن يترقب منتظرا أن يعرف محتوى المذكرة
!! سألها ماذا يوجد بها ؟ فقالت له : المعلم يقول لي : ابنك عبقري ، وهذه المدرسة متواضعة جدا بالنسبة له ، وليس لدينا معلمون يصلحون لتعليمه ، من فضلك علميه في البيت
هنا قررت الأم أن تعلمه بنفسها ، حتى أصبح “أديسون” ذاك المكتشف الشهير في العالم كله
وبعد وفاة الأم وجد “أديسون” الرسالة فلما قرأها بكى !! حيث وجدها تقول :
” ابنك غبي ولا يصلح للتعلم فلولا هذه الأم الواعية – هل كان سيخرج إلينا “أديسون” لو أنها أخبرته بالحقيقة وحطمته من ساعته
وعليه فالأبناء هذه الأيام يحتاجون إلى أمهات عاقلات صالحات يصنعن اللبنات الأولى لأولادهن
– فكم من كلمة أفسدت نفسا زكية وخربت عقلا ذكيا … وكم من عالم ومصلح في ثوب كناس ؟؟ زجت بهم الكلمات المحرقة ، إلى غياهب الأعمال الشاقة ، فكل نابغة لابد من أنه قد نجا من كلمات التحطيم
وقد صدقت الحكمة القائلة : ” ليس العجب فيمن هلك كيف هلك ، ولكن العجب فيمن نجا كيف نجا “
رسالتى إلى الوالدين
رفقا بالأبناء ساعات الغضب