احمد فايز
لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خروج أبي سفيان في قافلة تجارية من مكة إلى الشام خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعترضها لكنها أفلتت إلا أنه صلى الله عليه وسلم جعل يرقب عودة هذه القافلة.
• فلما علم الرسول صلى الله عليه وسلم برجوعها خرج في بضعة عشر وثلاثمائة من أصحابه ولم يكن معهم إلا فرسان وسبعون بعيرًا يتعقب الرجلان والثلاثة على البعير الواحد.
• ولكن أبا سفيان حين دنا من المدينة علم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد خرج في أصحابه ليعترض العير فاستأجر أبو سفيان رجلًا يخبر قريشًا بما قصده محمد صلى الله عليه وسلم فقام أشراف مكة يشجعون أهل مكة على أن ينفروا سارعا ليخلصوا تجارتهم من محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه فخرجوا في نحو الألف معهم مائة فارس ومعهم المغنيات يضربن بالدف ويغنيان بهجاء المسلمين، فلما خرجوا أخبرهم أبو سفيان أن العير قد نجت فارجعوا إلا أن أبا جهل أصر قائلًا: والله لا نرجع حتى تسمع بنا العرب وبمسيرنا وجمعنا فلا يزالون يهابوننا بعد ذلك اليوم أبدًا ولكن الخنس بن رشيق رجع في مائة من بني زهرة.
• فأتى الخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن كفار قريش قد خرجوا لملاقاتهم وأن العير قد نجت فاستشار صلى الله عليه وسلم أصحابه في لقاء العدو، فتكلم أبو بكر فأحسن، ثم تكلم عمر فأحسن ثم قال المقداد بن الأسود: يا رسول الله والله لا نقول ليك كما قالت بنو إسرائيل لموسى عليه السلام: ﴿ فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ﴾ [المائدة: 244].
ولكن امض ونحن معك فأشرق وجهه صلى الله عليه وسلم وسره ما سمع من المقداد.
• ثم قال: “سيروا على بركة الله” فنزل النبي صلى الله عليه وسلم قريبًا من بدر.
• ثم جعل صلى الله عليه وسلم يبشرهم: “هذا مصرع فلان غدًا وهذا مصرع فلان غدًا وهذا مصرع فلان غدًا” فو الله ما أخطأ أحد سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم مصرعه أبدًا. وإذا بالله عز وجل يغشيهم النعاس فينامون الليلة فأمنوا واطمأنوا واستراحت أجسادهم.
• فلما أصبحوا إذ بنفر ثلاثة من المشركين يدعون إلى المبارزة قام عتبة بن ربيعة وابنه الوليد بن عتبه وأخوه شيبة بن ربيعة فنادي عتبة في صفوف المسلمين من يبارز؟ فانتدب له شباب من الأنصار، فقال: ممن أنتم؟ فأخبروه، فقال: لا حاجة لنا فيكم إنما أردنا بني عمنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “قم يا حمزة قم يا علي قم يا عبيدة بن الحارث” فقام حمزة إلى عتبة وقام علي إلى شيبة وقام عبيدة إلى الوليد، فقتل حمزة عتبة وقتل علي شيبة وأما الوليد وعبيدة فاختلفا ضربتين فأثخن كل منهما صاحبه فمال حمزة وعلي مع عبيدة على الوليد فقتلوه ثم حملوا عبيدة.
• فثارت حمية الجاهلية في قلوبهم فتقدموا للقتال فقال النبي لأصحابه: “قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض” فقال عمير بن الحمام: يا رسول الله جنة عرضها السماوات والأرض؟ قال نعم فقال: وبخ بج فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما حملك على قولك بخ بخ”؟ قال: رجاء أن أكون من أهلها، فقال “فأنت من أهلها” فأخرج عمير تمرات ليأكلها فجعل يأكلها ثم قال: لئن أنا حييت حتى آكل هذه التمرات إنها لحياة طويلة ثم رمى بالتمرات وأقبل على القوم فدخل في صفوفهم فقاتلهم حتى قتل رضي الله عنه والنبي صلى الله عليه وسلم يستنصر ربه ويستغيث فأغفى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفاق منها مبتسمًا وهو يقول: “يا أبا بكر أبشر بنصر الله، هذا جبريل آخذ بعنان فرسه عليه آلة الحرب”، ثم أخذ كفًا من حصا فرماه في وجوه القوم وهو يقول: “شاهت الوجوه” فلم تبق عين من عيون القوم إلا ودخلها من ذلك الحصى وتقدم المسلمون يقتلون المشركين والملائكة تقاتل معهم حتى كان النصر المبين.
• بل وقتل فرعون هذه الأمة (أبو جهل) عليه لعنة الله، فعن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: لقد رأيتني يوم بدر في الصف بين غلامين حديثة أسنانهما فتمنيت أن أكون بين أكبر منهما قال: فغمرني الذي عن يميني وقال: يا عماه أين أبو جهل؟ فقلت: يا ابن أخي وما لك ولأبي جهل قال: يا عماه لقد أخبرت أنه كان يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم! لئن لقبته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت لأعجل منا. قال: ثم غمرني الذي عن يساري وأسر إليَّ بمثلها، فلم أنشب أن رأيت أبا جهل يجول في الناس فقلت: ألا تريان؟ هذا صاحبكما الذي تسألان عنه فابتدراه بسيفيهما فضرباه حتى قتلاه وكان الغلامان (معاذ بن عمرو بن الجموح) (ومعاذ بن عفراء). وانطلق المسلمون يعملون سيوفهم في المشركين فقتلوا منهم يومئذ سبعين وأسروا سبعين.