عادل عامر
تمثل التنمية المستدامة، فرصة جديدة لنوعيّة النمو الاقتصادي وكيفيّة توزيع منافعه على طبقات المجتمع كافة، وليس مجرّد عمليّة توسع اقتصادي، لا تمنع من ازدياد الفوارق بين مداخيل الأفراد والجماعات، إن بين دول الشمال والجنوب أو داخل الدول النامية نفسها. التنمية المستدامة تفرض نفسها كمفهوم عملي للمشاكل المتعدّدة التي تتحدّى البشرية. إنها تسمح بتقييم المخاطر ونشر الوعي وتوجيه العمل السياسي على المستويات المحلّية والإقليميّة والدولية”
بذلت الكثير من المحاولات لتحديد لمفهوم التنمية، حتى غدا هذا المفهوم من المفاهيم الشائعة لدى الأفراد أو الهيئات، هذا بعد أن تعددت مفاهيمها لدرجة أحدثت نوع من الخلط بينها وبين مفاهيم أخرى كالتطور والتقدم والنمو الاقتصادي. والمؤكد أنادي “شومبيتر” أول من حاول التمييز بين النمو الاقتصادي والتنمية.
فالنمو يحدث عادة بسبب نمو السكان والثروة والادخار، في حين أن التنمية تنتج من التقدم والابتكار التقنيين، وأن النمو يتمثل في حدوث تغيرات كمية في بعض المتغيرات الاقتصادية. أما التنمية فتتضمن حدوث تغيرات نوعية في هذه المتغيرات.
ويتضح من ذلك أن النمو الاقتصادي يسبق التنمية وهو ظاهرة تحدث في المدى القصير، في حين أن التنمية لا تحل إلا على المدى الطويل، ولا يمكن الحكم عليها إلا بعد مضي فترة زمنية طويلة نسبيا.
. ونظرًا إلى الترابط القوي بين الأمن الإنساني والتنمية، ومن أجل جعل الحق بالتنمية البشرية حقيقة واقعة لكل البشر بصورة مستدامة آنيًا ومستقبليًا، تمنى رجل الاقتصاد الهندي أمارتيا صن على المؤسسات الدوليّة والمجلس الاقتصادي الاجتماعي اعتماد مؤشر جديد للتنمية، يأخذ في طياته حقوق الإنسان الاجتماعية والصحيّة والبيئيّة إضافةً إلى البعد الاقتصادي. وذلك من خلال القضاء على الفقر تعزيز الديمقراطيّة، مكافحة المجاعات والأزمات والصراعات، التأكيد على فعالية المرأة، التغيير الاجتماعي، تشجيع الثقافة والدفاع عن حقوق الإنسان. وأيضًا من خلال تحسين سبل الحصول على الخدمات الاجتماعية والأغذية والرعاية الصحيّة الإنسانية والتعليم، وتعزيز المساواة بين الجنسين، وتمكين المرأة، وتسيير الحكم الرشيد، وتوسيع قدرة الحصول على تكنولوجيا المعلومات والاتصال، والعقاقير لمكافـحة مرض الإيدز.
كما يتضمن اعتماد التنمية المستدامة، عنصرًا جوهريًا في مخططات الدول والشركات، وخصوصًا في ما يتعلق بالقوانين الداخلية التي تنظم مشاريع الاستثمارات، بغية حماية البيئة ومنع التصحر، واتخاذ إجراءات لتأمين سبل الحصول على مياه الشرب المأمونة، وتحسين الصرف الصحي للمجتمعات القادمة.
ومن أجل معالجة الفقر في العالم سوف يتطلب ذلك منح أكثر البلدان فقرًا، إعفاءً دائمًا من الديون وتحقيق تجارة عادلة من خلال وصول البلدان النامية إلى الأسواق ويمثل التمويل التحدي الأبرز لتنفيذ الإستراتيجية خصوصا مع قرب استنفاذ بديل الاقتراض والمساعدات الخارجية وصعوبة رفع معدلات الاستثمار الأجنبي في ضوء التحديات السياسية والأمنية المحلية والإقليمية وترتيب مصر غير المتقدم في مؤشرات بيئة أداء الأعمال جراء البيروقراطية وعوائق التشريعات
كما أن فرض مشروعات خلافية لم يثبت جدواها أو احتلالها مرتبة متقدمة في سلم أولويات مصر خلال الـ15 سنة المقبلة ضمن الإستراتيجية ، قد يعوق تنفيذها في ضوء محدودية الموارد ومنها مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، إضافة إلى المشروعات الطارئة التي يتم فرضها لأسباب اجتماعية وسياسية، ولابد من توفير دعم غير تقليدي، لتنفيذ الإستراتيجية بعد إقرارها النهائي
لاسيما أنه تم إعدادها بعد مراجعة مختلف الجهات وأبعاد الأمن القومي ، لضمان مشاركة ودعم جميع الجهات الفاعلة للتنفيذ، بدون استثناءات، وخصوصا الجهات السيادية. والمؤكد أن إنشاء وحدة متابعة لتنفيذ الإستراتيجية داخل رئاسة الجمهورية، من خلال آليات واضحة ومؤشرات لقياس الأداء، خطوة مهمة وضرورية،وينبغي مواجهة كافة المعوقات الإدارية التي قد تعطل تنفيذ تلك الإستراتيجية.
كان من الضروري إعداد إستراتيجية للتنمية المستدامة، تضمن وضع مؤشرات على الطمعقول،قيق التنمية، والتنمية المستدامة،اى التي تراعى متطلبات النمو في الفترة الحالية، وتراعى في نفس الوقت حق الأجيال القادمة.
إن حرية انتقال رأس المال تجعله يبحث عن البلدان التي تكون الشروط الاجتماعية والبيئية بها عند أدنى مستوي والأرباح عند أعلى مستوى. إن انتقال رأس المال على المستوي العالمي هو إبطال لمذهب الميزات النسبية لريكاردو.فبدلاً من إن يكون الاقتصاد في خدمة احتياجات المجتمع ، يصبح المجتمع في خدمة السوق.
إن الحرص على الكفاءة الاقتصادية دون اعتبار للتكاليف الاجتماعية هو أمر غير معقول، فهو يعطي لمطالب السوق أولوية على احتياجات المجتمع وذلك هو الذي يدفع المنافسة في السوق الحرة العالمية.
وقد أصبح من حتميات النظام بأسره تجاهل التكاليف الاجتمااللاتينية،شويه مهني لمهمة الاقتصاديين. إن الحديث عن اليد الخفية التي تعمل على توازن السوق هو أكذوبة وخدعة كبري تدحضها الوقائع في شتى أنحاء العالم.وتؤكد حقائق الاقتصاد في كافة الدول دور الدولة في ضبط الأداء الاقتصادي حتى داخل الولايات المتحدة معقل اقتصاد السوق . ولعل الحروب التجارية بين الولايات المتحدة ودول أمريكا اللاتينية ، وبينها وبين دول الاتحاد الأوروبي من ناحية وبينها وبين الصين من الناحية الأخرى ودعاوى الإغراق لهى دليل على أكذوبة السوق الحرة الخالية من أي تدخل . ووفقًا للمحور الاقتصادي للإستراتيجية، فإن الحكومة تلتزم بالعمل على تحقيق معدل نمو اقتصادي يصل إلى 7% في المتوسط، ورفع معدل الاستثمار إلى 30% وزيادة معدل نمو الصادرات بنسبة 25% ، وخفض معدل البطالة ليصل إلى نحو 5%، كما تهدف أيضًا إلى زيادة مساحة العمران في مصر بنحو 5% من مساحته الكلية وإنشاء 7.5 مليون وحدة سكنية، والوصول لحلول جذرية لمشكلة المناطق العشوائية، ورفع إنتاجية المياه بحوالي 5% سنويًا ومضاعفة معدل التحسن في فعالية استخدام الطاقة بحلول عام 2030
وأن تصبح مصر من أفضل 30 دولة في مؤشر جودة التعليم الأساسي والوصول بمعدل الأمية إلى الصفر ، كما تستهدف الإستراتيجية العمل على وجود 10 جامعات مصرية على الأقل في مؤشر أفضل 500 جامعة في العالم، وأن تصبح الجامعات المصرية من أفضل 20 مؤسسة تعليم عالٍ في الأبحاث العلمية المنشورة في الدوريات المعترف بها عالميًا.
أن القرار الاقتصادي في معظم الدول النامية متغير تابع لردود أفعال النظام السياسي على الضغوط الخارجية والداخلية، بعدها يتحول هذا القرار إلى توجهات لرسم الخطوط العامة للسياسة الاقتصادية وبضمنها السياسة الاقتصادية والموقف من القطاع الخاص . فاستمرار الأزمات التي تواجه قسم كبير من الدول النامية أدى إلى تعريضها لتأثيرات الضغوط الخارجية بأنواعها المختلفة الاقتصادية و أو السياسية لإجبارها على تغيير توجهاتها السياسية عامة والاقتصادية بشكل خاص .
وساعد هذا المناخ على التحول بسرعة وسهولة من الفكرة إلى نقيضها . فتحولت بعض الدول النامية من أيديولوجيات التنمية بقيادة القطاع العام والتخطيط المركزي التي طبقتها في الستينات والسبعينات إلى أيديولوجيات الخصخصة ونظام السوق ،مع مطلع الألفية الثالثة ومع تزايد دور الشركات العابرة للقومية و المؤسسات الدولية التي تعمل على توسيع نطاق عملية العولمة . وتشكل تلك المجالات جزءا من القطاع غير الرسمي أو العمل غير المنظم والذي يشمل بوجه عام كل أشكال العمل غير الخاضع للقوانين المتعلقة بالعمل والأجور والتأمينات والضرائب ناهيك عن التنظيم النقابي.
وعلى الرغم من عدم وجود اى أرقام رسمية لحجم القطاع غير الرسمي في مصر إلا أن هناك العديد من الدراسات التي تقدر مساهمة القطاع غير الرسمي بنحو 35% من الناتج المحلى الإجمالي ونحو 40% من حجم العمالة. ووفقا لتلك الدراسات يغطى هذا القطاع مجال الأنشطة الإنتاجية في صناعات صغيرة (مثل صناعة الأحذية أو الملابس الجاهزة أو المنتجات الغذائية) سواء كان ذلك لدى الغير بأجر أو لدى الأسرة، كما يغطى مجال أنشطة خدمات الإنتاج (مثل أعمال البيع في متجر أو في السوق) سواء لدى الغير أو لدى الأسرة، وكذا مجال الخدمات الشخصية أو الاجتماعية (مثل الخدمة في المنازل، جمع القمامة، مربيات الأطفال …الخ). وعلى الرغم أن القطاع غير الرسمي يمثل أحد منافذ خلق فرص العمل فإن دوره يختلف بالنسبة للذكور عن الإناث.
فوفقا لنتائج إحدى الدراسات الميدانية يمثل العمل في القطاع غير الرسمي بالنسبة للذكور ذوى المؤهلات العليا خطوة انتقالية إلى العمل في القطاع الرسمي، أما بالنسبة للإناث (والذكور غير المتعلمين) فإن العمل في القطاع غير الرسمي يمثل نهاية المطاف، ويمثل الخروج منه خروجا من سوق العمل ككل. و تقدر الدراسة أن فرصة انتقال الذكور إلى عمل رسمي خارج نطاق الزراعة تصل إلى 20% في حين لاتتجاوز فرصة حدوث ذلك للإناث 10% .
أما فيما يتعلق بطبيعة الإناث في القطاع غير الرسمي فتؤكد إحدى الدراسات الميدانية أنه على الرغم أن النسبة الكبرى من العاملات في ذلك القطاع من الأميات، إلا أن هناك نسبة معتبرة ممن يحملن مؤهلات متوسطة بواقع 18% في الحضر و42% في الريف، كما توضح أن ساعات العمل الفعلية لخمسين في المائة من هؤلاء العاملات تتراوح بين 10 – 16 ساعة يوميا.
وكما هو متوقع فإن بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء تؤكد افتقار العاملات في القطاع غير الرسمي إلى اى نوع من الحماية القانونية، حيث أن 5ر98% من العاملين في ذلك القطاع يعملون بدون عقود قانونية، و88% بدون تأمينات اجتماعية، و99% بدون تأمين صحي، و94% بدون حماية نقابية عمالية أو مهنية.
– إعادة هيكلة الضرائب على الدخل بتطبيق منظومة من الإصلاحات على رأسها توسيع شريحة الإعفاء للحدود الدنيا للدخل إلى 18 ألف جنيه سنويا ، وإخضاع توزيعات الأرباح على حصص التأسيس في الشركات للضريبة، حيث لا يعقل أن يتحمل من يعمل بأجر ضريبة على الدخل بينما يعفى ما يحصل عليه رجل الأعمال من حصة في الأرباح الموزعة، فضلا عن فرض ضريبة على الأرباح الرأسمالية لتدفقات رؤوس الأموال قصيرة الأجل في البورصة.
– فرض ضريبة على الثروة لمرة واحدة بنسب تتراوح بين 5% و 10% على الثروات التي تزيد عن 20 مليون جنيه، والتي تصل في بعض الأحيان إلى مئات الملايين وفى عدد من الحالات إلى المليارات، سواء لأن أصحاب هذه الثروات هم الأكثر قدرة على المساهمة في مواجهة الأزمة، أو لأنهم في واقع الأمر كانوا الأكثر استفادة من السياسات المطبقة في ظل النظام السابق. فالواقع أن رفع الحد الأدنى للأجور وتوسيع شريحة الإعفاء الضريبي هو الذي يمكن أن يساعد في مرحلة لاحقة على تخفيض الإنفاق على دعم السلع الغذائية.