بقلم / كواعب أحمد البراهمي
كل سنة وكل مصر بخير , شعبا وجيشا وشرطة ورئيسا , وكل إنسان علي أرض مصر بخير وأرضها وماءها وسماها بخير .
يتزامن 25 يناير مع قيام ثورة 2011 , ولا أدري عندما نصفها بالثورة هل هي كانت ثورة بشكل تلقائي وكما يحدث في الثورات , ولا هي مخطط من مخططات الغرب وما أطلق عليه الربيع العربي والفوضي الخلاقة والتي تحقق أهداف ليست أساسا في رأس المواطن العربي .ولكن الذي حدث فعليا أنه تم إستغلال الواقع الموجود والشباب الذي يريد حياة أفضل وفرصة عمل وحياة كريمة في القيام بها .
ولكن كمواطن عادي أعترف أنه لو كان هناك قدر من العدالة الإجتماعية والمستوي المعيشي والإقتصادي المعقول , ما كانت وجدت الثورة مناخا ملائما لقيامها أو حتي إستمرارها , ولربما أيضا لو أجيبت مطالب الشعب حينها وسريعا ما كانت أستمرت , ولكن عوامل كثيرة أثرت في قيامها وإستمرارها .
المهم أنها قد حدثت فالذي يشغلنا الآن ونحن نحتفل بمرور ست سنوات علي قيامها أن نحاول أن نحقق مطالبها ونصل إلي الأهداف الإيجابية التي قامت من أجلها , وبغض النظر عن الأهداف السلبية والمخططات التي كانت تدور في رأس من كان يدعموها من خارج مصر .
أما يوم 25 يناير فهل يحمل لنا إحتفالا من نوع آخر , وهو إحتفال الشرطة المصرية بعيدها
وعيد الشرطة هو اليوم الذي رفضت فيه قوات الشرطة المصرية تسليم أسلحتها وإخلاء مبنى محافظة الإسماعيلية للقوات البريطانية.
وقد أسفر الاشتباك بين الشرطة المصرية والقوات البريطانية عن مقتل 50 شرطيًا مصريًا و80 جريحًا، وقامت القوات البريطانية بالاستيلاء على مبنى محافظة الإسماعيلية.وكان ذلك يوم 25 يناير عام 1952
وسبب ذلك أنه عندما زادت الأعمال الفدائية في معسكرات الإنجليز وجنودهم وضباطهم فى منطقة القنال وكانت الخسائر البريطانية نتيجة العمليات الفدائية فادحة، وكذلك أدى انسحاب العمال المصريين من العمل في معسكرات الإنجليز إلى وضع القوات البريطانية في منطقة القناة في حرج شديد..
– وحينما أعلنت الحكومة عن فتح مكاتب لتسجيل أسماء عمال المعسكرات الراغبين في ترك عملهم مساهمة في الكفاح الوطني سجل [91572] عاملاً أسماءهم في الفترة من 16 أكتوبر 1951 وحتى 30 من نوفمبر 1951 – كما توقف المتعهدون عن توريد الخضراوات واللحوم والمستلزمات الأخرى الضرورية لإعاشة 80 الف جندي بريطاني 0]
فقد أقدمت القوات البريطانية على مغامرة أخرى لاستفزازًا الحكومة وإذلالها حتى ترجع عن قرارها بإلغاء المعاهدة، ففي صباح يوم الجمعة 25 يناير 1952 فاستدعى القائد البريطاني بمنطقة القناة –”البريجادير أكسهام”- ضابط الاتصال المصري، وسلمه إنذارًا بأن تسلم قوات البوليس “الشرطة” المصرية بالإسماعيلية أسلحتها للقوات البريطانية، وتجلو عن دار المحافظة.
ورفضت المحافظة الإنذار البريطاني وأبلغته إلى وزير الداخلية ” فؤاد سراح الدين باشا ” الذي أقر موقفها، وطلب منها الصمود والمقاومة وعدم الاستسلام..
فقد القائد البريطانى فى القناة أعصابه فقامت قواته ودباباته وعرباته المصفحة بمحاصرة قسم بوليس “شرطة” الاسماعيلية لنفس الدعوى بعد أن أرسل إنذارا لمأمور قسم الشرطة يطلب فيه منه تسليم أسلحة جنوده وعساكره ، غير أن ضباط وجنود البوليس “الشرطة” رفضوا قبول هذا الانذار.
عندئذ أطلق البريطانيون نيران قنابلهم ودباباتهم بشكل مركز وبشع بدون توقف ولمدة زادت عن الساعة الكاملة ، ولم تكن قوات البوليس “الشرطة” مسلحة بشىء سوى البنادق العادية القديمة . وقبل غروب شمس ذلك اليوم حاصر مبنى قسم االبوليس “الشرطة” الصغير مبنى المحافظة في الأسماعيلية ، سبعة آلاف جندي بريطاني مزودين بالأسلحة، تدعمهم دباباتهم السنتوريون الثقيلة وعرباتهم المصفحة ومدافع الميدان ، بينما كان عدد الجنود المصريين المحاصرين لا يزيد على ثمانمائة في الثكنات وثمانين في المحافظة، لا يحملون غير البنادق واستخدم البريطانيون كل ما معهم من الأسلحة في قصف مبنى المحافظة، ومع ذلك قاوم الجنود المصريون واستمروا يقاومون ببسالة وشجاعة فائقة ودارت معركة غير متساوية القوة بين القوات البريطانية وقوات الشرطة المحاصرة فى القسم ولم تتوقف هذه المجزرة حتى نفدت آخر طلقة معهم بعد ساعتين طويلتين من القتال، سقط منهم خلالهما 50 (خمسون) شهيدًا و (ثمانون) جريحا وهم جميع أفراد حنود وضباط قوة الشرطة التى كانت تتمركز فى مبنى القسم ، وأصيب نحو سبعون آخرون، هذا بخلاف عدد آخر من المدنيين وأسر من بقي منهم.
ولم يكتف القادة الإنجليز بذلك أمر البريطانيون بتدمير بعض القرى حول الاسماعيلية كان يعتقد أنها مركز إختفاء الفدائيين المصريين المكافحين ضد قواته فقتل عدد آخر من المدنيين أو جرحوا أثناء عمليات تفتيش القوات البريطانية للقرى..
والجدير بالذكر هنا وما يجب الإحتفال به لم يستطع الجنرال اكسهام ان يخفي اعجابه بشجاعة المصريين فقال للمقدم شريف العبد ضابط الاتصال: – لقد قاتل رجال الشرطه المصريون بشرف واستسلموا بشرف ولذا فان من واجبنا احترامهم جميعا ضباطا وجنودا
وقام جنود فصيله بريطانيه بامر من الجنرال اكسهام باداء التحيه العسكريه لطابور رجال الشرطه المصريين عند خروجهم من دار المحافظه ومرورهم امامهم تكريما لهم وتقديرا لشجاعتهم.