بقلم :رحمة غربي
.متابعة :لسعد الحرزي مدير مكتب تونس
قل وندر من يعلم أن انطلاق شرارة الثورة الوطنية 09 أفريل 1938 كانت من مدينة وادي مليز من ولاية جندوبة وبالتحديد يوم 04 أفريل 1938 وهو يتزامن مع السوق الأسبوعية لمدينة وادي مليز حين بدأت الأحداث بمحاولة تنظيم اجتماع شعبي بمحل عباس العطار وعند محاولة تعليق علم تونس تدخل الكاهية ودعا الى غلق المحل ومنع تجمهر المواطنين الذين كانوا من الشبان والمزارعين ولكن الجموع عاودت التجمهر في حدود منتصف النهار بعد قدوم سيارة لواج من سوق الأربعاء (جندوبة حاليا) وعلى متنها 06 أعضاء من الشعبة الدستورية بسوق الأربعاء ثلاثة منهم جريدية (من أصل جريدي من الجنوب التونسي) فحضر جمع غفير ناهز عددهم حسب الـ 600 شخص بنفس المحل ولكن بعد انتهاء الاجتماع تم اعتقالهم من طرف الكاهية واستجوابهم في مكتب شيخ وادي مليز, وخلال فترة الاستجواب تجمع حشد من الأهالي أمام المكتب بتحريض من الأخضر بوقطفة (فلاح بوادي مليز) فقام الحشد برشق المبنى بالحجارة مما تسبب في تهشم الباب والنافذة وتحرير المحتجزين الستة من المبنى وامتطوا سيارتهم وانطلقوا نحو مدينة سوق الأربعاء, وبقدوم الجندارمي مارك ريني جمع الصبايحية وتوجه نحو مكتب البريد لتقديم المساعدة للكاهية وقابض مكتب البريد, وقام المتظاهرون بمحاصرة المنشأة من جميع جوانبها ورميها بالحجارة مما ألحق بها أضرارا كبيرة وقد تسارعت الأحداث وتم اعلام المسؤول الأمني بالمراقبة بسوق الأربعاء والذي قام باعتراض السيارة التي كانت تقل الدستوريين الستة وهو ما عجل بتنامي الحراك الشعبي بكل من غار الدماء وسوق الأربعاء وسوق الخميس (بوسالم) وقد فاق عدد المحتجين الألفين وقد رفعوا شعارات وطنية مناهضة للاستعمار الفرنسي .
أمام هذه الأحداث الهامة قامت السلطات الاستعمارية بممارسة أساليب القمع والتخويف والترهيب فأصدرت أوامر بغلق مقرات الحزب الدستوري ومصادرة كل ما بداخلها واعتقال العديد من الوطنيين كما نتج عن هذه الأحداث التي اتسعت رقعتها ايقاف مجموعات الجريدية الذين كانت مشاركتهم كبيرة في الأحداث وارسالهم الى سوق الأربعاء ومن ثمة ارجاعهم الى منطقتهم الأصلية بالجنوب التونسي .
ووقع اعتقال السياسي يوسف الرويسي وسليمان بن سليمان عضو الديوان السياسي للحزب الحر الدستوري التونسي، اثر قيامهما بحملة دعائيّة بمدينة سوق الأربعاء، فانطلقت مظاهرات ضخمة بوادي مليز (جندوبة، الشمال الغربي) وسوق الأربعاء احتجاجا على اعتقالهما مع عدد من الوطنيين، واعتقل في نفس اليوم الزعيم صالح بن يوسف ويوم 6 أفريل 1938 تمّ اعتقال الهادي نويرة ومحمود بورقيبة.
وفي يوم 9 أفريل وقع اعتقال علي البلهوان وجلبه للمحكمة للمثول لدى حاكم التحقيق فثار التونسيون وخرجوا بأعداد غفيرة في شوارع العاصمة طالبوا بإصلاحات سياسية، بما في ذلك إنشاء برلمان وطني حر مستقل وقابلهم المستعمر بموجة قمع شديدة بلغ حد اطلاق الرصاص الحي، مما أدى إلى سقوط العشرات بين شهيد وجريح.
09 أفريل الذكرى الخالدة في قلوب التونسيين في هذا اليوم من كل سنة، يوم مهم شكل منعطفا في تاريخ البلاد ومسيرة الكفاح الوطني، وهو مرحلة مهمّة أطلقت سلسلة من السياسات توجت باستقلال البلاد في 20 مارس من عام 1956