بقلم / أ.د الهلالى الشربينى الهلالى
أستاذ تخطيط التعليم بجامعة المنصورة
وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى السابق
وفى ظل هذا الوضع الإقليمي والدولي لمجتمعات المعرفة -السابق الإشارة إليه -، تظل هناك خصائص أساسية لكل مهنة من المهن تميزها عن غيرها وتحتم على العاملين فيها ضرورة الإلمام بها بالشكل الذي يمكنهم من أدائها بالطرق السليمة ، ومن بين هذه المهن مهنة التعليم والتي تتطلب مجموعة من الخصائص والمعايير التي تدل على كفاءة هيئة التعليم والقيادات الإدارية وجودتهم وقدرتهم على العبور بهذا الوطن وأبنائه إلى آفاق أرحب ومجالات أرقى وأوسع، وتتضمن هذه الخصائص سمات شخصية وقيادية، وكفايات تدريسية ومهنية، وكذا اهتمامات اجتماعية وثقافية ، وهي أمور تحتاج إلى تنمية مهنية مستدامة تربط المعلم والإداري في العملية التعليمية بالمحيط الذي يعيش فيه، والمدى الذى يسير فيه ويمارس نشاطاته من خلاله .
ويثير مفهوم التنمية المهنية المستدامة جدلاً وأحيانًا لغطًا كبيرًا بين الباحثين والمتخصصين والمهتمين بسبب الطبيعة المتغيرة لعملية التنمية المهنية والتغيير المستمر في برامجها وأساليب تنفيذها مما ينعكس على مفهومها بصفة عامة وعلى مفهومها في مجال التعليم والتدريب والإدارة والقيادة بصفة خاصة . ويمكن إجمال الأسس والمباديء العامة التى تقوم عليها التنمية المهنية لأعضاء هيئة التعليم والقيادات الإدارية على النحو التالي :
– التغطية الشاملة ، بمعنى أن تمتد التنمية المهنية لتشمل جميع أعضاء هيئة التعليم بجميع تخصصاتهم، وكذا القادة الإداريين بمختلف مستوياتهم، وأن تغطى كافة المجالات التي تعمل على تطوير كفاياتهم وتحسين اتجاهاتهم وتنمية مهاراتهم، بما يمكنهم من مواجهة أى جديد في مجال التعليم و الإدارة .
– المدى والتتابع المنظم ، ويقصد به تصميم وتنفيذ منهج تدريبي متدرج ينقل المتدربين من مستوى لمستوى آخر ، نقلاً سلسًا ومستمرًا من حيث الخبرات والمعارف والمهارات بصرف النظر عن تغيير القيادات ، على أن يراعى في ذلك التكامل بين الجوانب العملية والنظرية والمعرفية والسلوكية، من منطلق أن المعلم والقائد الإداري يمثلان قادة تنوير في مجتمعاتهم المحيطة .
– وضوح الأهداف وواقعيتها، بمعنى أن تكون الأهداف المنتظر تحقيقها من التنمية المهنية المستدامة محددة وواضحة وتسد احتياج فعلي للمتدربين وتتسم بالموضوعية والواقعية وتتناسب مع ظروفهم المعيشية والوظيفية
– المشاركة، ويقصد بها مشاركة المتدرب في عملية التنمية المهنية المستدامة بالحوار والمناقشة والتطبيق والاستفسار والمتابعة والتقييم الذاتي وغير ذلك من صور المشاركة التي تجعله جزءًا من العملية وتمكنه من تطبيق ما يتدرب عليه في ميدان العمل .
– القصدية، ويقصد بها أن تتم عملية التنمية المهنية المستدامة لأعضاء هيئة التعليم والقيادات الإدارية بشكل مخطط ومنظم ومقصود يتضمن خطوات محددة تشمل تحديد الأهداف والمحتوى وطرق وأساليب وآليات التنفيذ في إطار الظروف والإمكانات المتاحة .
– الإستمرارية، ويقصد بها استمرار عمليات التنمية المهنية على امتداد حياة الشخص الوظيفية بما يضمن له القدرة على التعامل مع التطوير والتغيير فى مواجهة التحديات التي تفرضها ظروف كل مرحلة أو عصر.
– قياس أثر التدريب ، ويقصد به إخضاع التدريب للقياس من قبل جهة محايدة لتحديد مدى الأهمية والفائدة التي تحققت من ورائه من خلال قياس مستوى أداء من حضروه من أعضاء هيئة التعليم والقيادات .
وحيث إن جودة المعلمين، والموجهين الفنيين ، والقيادات الإدارية في المدارس والإدارات والمديريات التعليمية تمثل عنصرًا أساسيًا في جودة العملية التعليمية ، يكون من الضرورى العمل على تحسين وضع المعلمين والقيادات الإدارية على المستوى المهني بشكل دائم ومتواصل ، وذلك من خلال وضع وتصميم وتطبيق سياسات وبرامج تنمية مهنية منتظمة ووطنية ومتطورة ، تهدف إلى تطوير قدرات المعلمين على تعليم الآخرين والقيادات الإدارية على إدارة مؤسسات التعليم التي يعملون بها ، على أن تخضع هذه البرامج للقياس لفهم وتحديد جوانب القوة والبناء عليها وجوانب الضعف لتجنبها أو معالجتها .
ويمكن إجمال واقع التنمية المهنية للمعلمين والقيادات الإدارية بوزارة التربية والتعليم والتعليم الفني فى مصر حتى منتصف سبتمبر 2015 ، من خلال مراجعة الحقائق والأرقام التالية :
– عدد المدارس: 53000 مدرسة
– عدد مديري المدارس: حوالي 53000 مدير
– عدد وكلاء المدارس: ما يقرب من 100000 وكيل
– عدد المدارس الخاصة: 2020 مدرسة
– عدد المديرين والوكلاء بالمدارس الخاصة: ما يزيد على 3000 مدير ووكيل.
– عدد المدارس الدولية : 242 مدرسة
– عدد المدارس الرسمية للغات: ما يقرب من 800 مدرسة
– عدد مدارس النيل: خمس مدارس وجار التخطيط لإنشاء 25 مدرسة أخرى
– عدد مدارس المتفوقين : 11 وجارى التخطيط لإنشاء 17 مدرسة بحيث يصبح موجود مدرسة بكل محافظة
– عدد المدارس المصرية اليابانية: 12 وجارى العمل لافتتاح 100 مدرسة فى العام الدراسى 2017-2018
– عدد الفصول الدراسية: 450000 فصل تقريبًا.
– عدد المعلمين على رأس العمل : 1250000 معلم تقريبًا.
– عدد الإداريين والأخصائيين : 350000 تقريبًا.
ويمكن إجمال مجموعة المعوقات التى تعوق
قيام المعلمين والقيادات الإدارية التعليمية فى مصر من أداء مهامهم بالكفاءة والفعالية المطلوبة فيما يلى :
– عزوف كثير من القيادات الإدارية المتميزة عن شغل وظيفة مدير مدرسة في أماكن متعددة لاعتبارات كثيرة ، منها ما يتعلق بالحافز المالي ومنها ما يتعلق بظروف المدرسة والبيئة المحيطة بها من أولياء أمور وأعضاء في المحليات وفى مجلس النواب وغيرهم .
– تقديم برامج التنمية المهنية للمعلمين والقيادات الإدارية من خلال جهات متعددة لا توجد خطة أو سياسة للتنسيق فيما بينها ، حتى أن بعض هذه الجهات لا تعلم شئ عن عمل بعض الجهات الأخرى ، ومن ثم قد يكرر كل منهما عمل الآخر .
– تدريب الكوادر البشرية سالفة الذكر ( معلمين وإداريين وقيادات ) من خلال برامج تعتمدها الأكاديمية المهنية للمعلمين ويقدمها مركز تدريب القيادات التربوية بالوزارة بالتعاون مع بعض مؤسسات المجتمع المدني ، وكذلك من خلال برامج تدريب تقدم عن طريق مراكز التدريب الموجودة بالمديريات والتي تشرف عليها الأكاديمية المهنية للمعلمين ، بالإضافة إلى بعض البرامج التي تقدم من خلال قطاع الجودة ووحدة القرائية والمراكز الأجنبية والمنظمات الدولية ، وكلها جهود تقدم بشكل مبعثر وغير متكامل وغير كاف وبكفاءة لا تحقق الأهداف المرجوة ؛ نظرًا لأن التدريب يتم بأي مستوى من الجودة استنادًا إلى أنه لا يتم قياس أثره من قبل أى جهة محايدة سواء من داخل الوزارة أو من خارجها .
وفي ضوء ما تقدم وهديًا بما جاء فى رؤية مصر 2030 ، وتنفيذًا لأهداف الخطة الاستراتيجية للوزارة 2014-2030 ، تم تصميم برنامج طموح متوسط المدى 2016-2019 لتدريب المعلمين والقيادات الإدارية في المدارس والإدارات والمديريات التعليمية ، وذلك بالتعاون بين الأكاديمية المهنية للمعلمين ومراكز التدريب المختلفة بالوزارة وفروعها المنتشرة بجميع المديريات التعليمية ، وكذلك بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني المهتمة بقضايا التعليم مثل مؤسسة التعليم أولًا ومؤسسة مصر الخير ، وبالتعاون أيضًا مع جهات دولية مثل السفارة الفرنسية ومكتبها الثقافي بالقاهرة ، والسفارة الألمانية ومعهد جوته بالقاهرة ، والسفارة الألمانية وهيئة GIZ الألمانية ، والسفارة الإنجليزية والمركز الثقافي البريطاني بالقاهرة ، والسفارة الأمريكية وهيئة المعونة الأمريكية ، والسفارة اليابانية وهيئة الجايكا اليابانية، ومنظمات دولية مثل البنك الدولي واليونيسيف واليونسكو وغيرهم ، وذلك فى إطار يضمن الاستفادة من خبرات هذه الدول والمنظمات ويحافظ على الثوابت الوطنية و الخبرات المحلية، بل يضمن تنميتها ورفع كفاءتها، وقد تضمن هذا البرنامج الطموح تقديم 1033444 فرصة تدريب سنويًا يتم تنفيذها عن طريق :