بقلم/ سمرا عنجريني
بعيداً ..
عن ضجيج الشارع والجلبة المنزلية وعن الظلال التي تجرجر أقدامها في غرفة نومها ، أرادت اليوم أن تصمُّ أذناها عن أخبار مدى تقدُّم الغرب في التهام الكعكة العربية ، وأن تمنح فكرها إجازة فلا تعكِّر صفو الحكام الفاقدين الأهلية فجراد التاريخ تكفلَّ بهم ، لم يعد لهم أهمية ..!!!
فتحت نافذة يغمرها الضوء بعفوية طفلة اشتاقت لوطنها ،
سمعت نداءاً آتيا من زمن أفضل ..
ها هو يقترب ، يدنو منها ، رجل نقول له ” المبيض ” عظامه تمتلئ قرقعة ويبتسم ..!!!
عيناه تشعَّان طِيبَة ، قسمات وجهه تنضحُ حناناً ، حفرت عليها الأيام جملة ” صبرجميل وبالله نستعين ”
هامةٌ منهكة تخفي هواجسها وشِحَّة رزقها بقطعة قماش من الخيش المملَّحة بالحب ، تجمعه معها وحدة حال ، يبثُّها لواعجَ قلبه من خلال نار يُشعلها ، كلمَّا لامس كَفُّه قِدْرَ النحاس تتقدٍّ عشقاً ومهابة له ، رصيده في الحياة جرح لايعرف التوسل ، يتجرَّعه برائحة كثيفة ، يأخذ نفساً عميقاً ، يمسحُ شفتيه بكمِّه ، يمدُّ ذراعيه ، يغمضُ عينيه ، يهز كتفيه المتعبتين ، يرتفع عن الأرض كباشق بقروش قليلة ، يحمد الله ويمضي ..
صورة من الماضي مرَّت في ذاكرتها الشتائية بحيلة عقلانية ، أعادتها لعمر انقضى كأنه لمحة ، لم يراودها الشك مرَّة في حكمة المنشأ الإلهي للإنسان ، علمَّه سحر البيان فهدمَ البنيان ،
أسنان المشط المرصوص فرقَّها الغباء ،
أنخرج مكفَّرين من ذنوبنا بعد موتنا ..؟؟؟
سألت نفسها بصمت ،
أوكلتكم ” أصدقائها” الإجابة عنها ..
وأغلقت النافذة..!!!!!
————–
سورية
الرابع والعشرين من رمضان
اسطنبول