عقدت السفيرة نبيلة مكرم عبدالشهيد وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج، اجتماعا مع عدد من أعضاء الجالية الإيطالية في الإسكندرية، بحضور القنصل العام الإيطالي بالإسكندرية السيد آرمنجيلدو سمبياري، وذلك بكاتدرائية سانت كاثرين بمحافظة الإسكندرية، لبحث التنسيق من أجل الاحتفاء بالجالية الإيطالية وتاريخها العريق في مصر في إطار مبادرة إحياء الجذور التي تتبناها وزارة الهجرة.
خلال اللقاء، أكدت السفيرة نبيلة مكرم تطلعها إلى تنظيم احتفاء يليق بمكانة الجالية الإيطالية بمصر وما تركه أبناء هذه الجالية عبر سنوات طويلة من بصمات ملموسة في حياة المصريين والمجتمع المصري، من خلال تسليط الضوء على القصص الإنسانية التي تخللت ذلك، مشيرة إلى أنها تلقت مطالب عديدة من بعض الإيطاليين المقيمين بالإسكندرية بذلك، بعد النجاح الذي حققته مبادرة “إحياء الجذور” مع الجاليات اليونانية والقبرصية والأرمينية، ليتجدد إطلاق هذه المبادرة مع الجاليات الإيطالية.
كما قالت وزيرة الهجرة: “إننا نبدأ عملنا بالبحث في جذور العلاقات المصرية الإيطالية الممتدة”، موضحة أن الجالية الإيطالية في مصر ساهمت على مر التاريخ في بناء مصر الحديثة في مجالات مختلفة كالتعليم والتجارة والصناعة والطب والفن والثقافة والأزياء والمعمار، فضلاً عن أنها رسالة للعالم أجمع بأن مصر نقطة التلاقي وأرض التعايش والتسامح.
من جانبه، أعرب أعضاء الجالية الإيطالية بالإسكندرية عن امتنانهم وشكرهم للوزيرة على سعيها الدائم للاحتفاء بالجاليات الأجنبية التي عاشت في مصر، واصفين مصر بأنها بمثابة بلدهم الأم التي احتضنتهم وعاشوا فيها دون تفرقة حتى أصبحوا ثاني أكبر جالية تعيش بمصر بعد الجالية اليونانية.
وأكد أعضاء الجالية استعدادهم للتعاون من أجل هذا الاحتفاء في ضوء استمرار تفعيل مبادرة “إحياء الجذور”، خاصة أنه كان هناك دور محوري للإيطاليين داخل المجتمع المصري منذ القدم في القاهرة والإسكندرية ومدن قناة السويس، وفي مجالات عدة خاصة المعمار والفن والثقافة والأزياء، وكذلك التعليم الفني الذي تجسد في مدارس “دومبسكو” الفنية الشهيرة بالقاهرة، مؤكدين ضرورة أن يخرج هذا الاحتفاء بشكل يليق بعظمة الحضارتين المصرية والإيطالية.
ويعد هذا اللقاء خطوة أولى في إطار الاستعداد لإطلاق فعالية الاحتفاء بالإيطاليين في مصر، حيث يتم إحصاء أكبر كم من المعلومات حول حياتهم فيها خلال العصور المختلفة، بالإضافة إلى التواصل مع أهم الشخصيات والعائلات الإيطالية التي أثرت في الحياة المصرية ويتواجدون خارج مصر في الوقت الحالي، حتى يتم دعوتهم إلى زيارة مصر وفق برنامج الفعاليات الذي سيجري وضعه خلال الفترة المقبلة.
هذا وتفقدت السفيرة نبيلة مكرم أرجاء كنيسة سانت كاثرين للتعرف على تاريخ إنشائها الذي يعود لعهد محمد علي باشا، حيث كان للجالية الإيطالية -التي عاشت لفترة طويلة في مصر خلال القرنين الماضيين- تأثيرًا ثقافيًا واجتماعيًا كبيرًا على الحياة بشكل عام، وفي مدينة الإسكندرية بشكل خاص، مما جعلها تنفرد عن باقي محافظات مصر بطبيعتها التعددية على مستوى الثقافات والحضارات.
ومن بين ذلك كان إنشاء ميدان المنشية الذي شيدته الجالية الإيطالية كنموذج مصغر للصرح الأكبر المقام فى بياظة فينيسيا فى مدينة روما، ويطل على مجموعة من الشوارع منها “شارع نوبار باشا”، ذلك بالإضافة لبناء الإيطاليون شارع فؤاد العريق الذي مازال يحتفظ برونقه المعماري الإيطالي المتفرد حتى الآن، وكذلك ما بناه المعماري الايطالي الشهير ماريو روسي الذي بنى 256 جامع كان من بينهم جامع المرسي ابو العباس وكان “روسى” عاشقا للتراث المعمارى الإسلامى، وظل لفترة طويلة يتأمل هذا الفن ويستوعبه والعمل على إعادة تأسيسه بروح جديدة وعصرية إلى أن أجرت وزارة الأوقاف مسابقة عالمية لاختيار كبير مهندسى الوزارة وقد فاز “روسى” بهذه المسابقة وأصبح كبير مهندسى وزارة الأوقاف المصرية.
وجدير بالذكر أن مبادرة “إحياء الجذور” هي المبادرة الأولى من نوعها في العالم التي تهدف إلى إحياء الاحتفاء الشعبي بالجاليات الأجنبية التي كانت تعيش في مصر، والعودة إلى العادات التي امتزجت عبر السنين لتشكل وجدان شعوب جمعها تاريخ مشترك وحاضر يحمل الخير وحب الحياة، فضلا عن تعريف الأجيال الجديدة لدى هذه الشعوب بذلك. وقد أطلقت وزارة الهجرة تلك المبادرة للمرة الأولى في أبريل 2018 برعاية رؤساء الدول الثلاث مصر واليونان وقبرص، بهدف الاحتفاء بالجاليات اليونانية والقبرصية التي كانت تعيش في مصر، وذلك من أجل تعزيز الصداقة والروابط التاريخية بين الشعوب الثلاثة.