كتبت زينب عبده
…. ان تتقي السرّ الإلهي فيك ، النفخة الروحية إلإلهية فيك التي تميّزك عن بقية الاجناس التي تحتل هذه المعمورة.
عندما اتكلم او عندما اكتب او عندما انظر او اسمع في باطني ميزان دقيق للنور و الظلمة للخير و الشر ، كلما عرفت نفسك كلما عرفت ربك كلما زادت دقة هذا الميزان الذاتي، كل كلمة اقولها كل حركة كل سكنة هي فعل له ردة فعل.
التقوى هي ان اكون رقيب نفسي لحساب نفسي ، هي ذاك الوعي و الحضور و الشاهد الذي يشهد بالحق و لا يقول الزور
التقوى ان لا أخون نورانيتي و لا إنسانيتي بكلمة جارحة او همزة او غمزة في حق إنسان هو لم يرها .. لكن ضميري شاهد عليها !
انا ما جرحت إلا نفسي و ما خنت إلا نفسي و لا ظلمت إلا نفسي و لا كذبت إلا على نفسي و لا جادلت و لا صارعت و لا قاتلت إلا نفسي.
إن كنت احب نفسي فلما أسيئ لي ؟ فلما أذل نفسي بدل ان اكرمني ؟ لما انزل ذاتي للسفليات بدل ان احافظ عليها كزهرة او تحفة و ارقيها للعلويات الملكوتيات و الإلهيات ؟ لماذا لا اكون ملاكا ؟ لماذا لا اكون ربانيا ؟ ألست أحب الجمال و الكمال لنفسي ؟ اليست إنسانيتي،روحي امانة ؟ فلما أخون الأمانة ؟
كل فعل كل مقال كل نفس ادخله و اخرجه يصنعني و يحدد مقامي بين عوالم الله اللانهائية ، عندما اقول الفحش و اخالط اهل الظلمة و مسودي القلب ألست اتعمد إنزال درجتي في سلم معراج الإنسانية؟
بقلة التقوى هذه ، بقلة تحري ما يطلع من لسانك و ما يجري منك من افعال و نوايا خسرت الله الحاضر في ذاتك اولا ، خسرت الله الذي كان يكلمك من قلبك أولا ،
فمن فهم هذا المعنى من إمكانية خسران النفس صار رقيبا على نفسه تقيا في الخلاء والملاء يقيس كل كلمة بمعياره الذاتي لا باعتبارات الناس و العالم ، بل بالمقياس الرباني المستودع بباطني، شاهدي علي مني.