عنوان مستفز صادم للقارئ
الذي يسأل نفسه هل هناك فرق جوهري بين الموتى والأموات …؟
وهناك من يرفض الفكرة جملة وتفصيلاً وهو على قناعة أن الموتى هم الأموات وبالتالي لا داعي لهذه الجدلية الفلسفية المفلسة ….!!
وبالطبع البرزخ هو الفاصل بين الحياة والموت
أي بين الأحياء والموتى
والأحياء والأموات
موضوع عاصف للذهن أطرحه على مائدة الفكر ربما أعود منه بصيد ثمين , ولما لا ؟
الموت ذُكر في القرآن الكريم على مستوى الجذر من اسم وفعل 164 مرة على سبيل المثال الكلمات مثل (( الموت , والموتى , يميتكم , أمواتاً , تموتن…..))
والموت نقيض الحياة
الحياة من أبرز سماتها الحركة بكل أشكالها قابلة للنمو والتجدد
الموت السكون والبقاء على حال واحدة قابلة للتفكك والتحلل
عزيزي القارئ أنت نفسٌ ساكنةٌ في جسد مؤقت
جسدك عنوانك المؤقت
جسدك خُلق من تراب وهو عائد إلى التراب
حسب قانون الجاذبية كل من خُلِق من الأرض عائد إلى الأرض
النفس هي مناط الإختبار
لها الحياة ولها الموت ولها البرزخ ولها البعث ولها الحساب ولها الثواب أو العفو أو العقاب
تحدث القرآن عن النفس في القرآن الكريم على مستوى الكلمة 61 مرة أما على مستوى الجذر 298 مرة
ولما كانت النفس هى المنوطة بالإختبار وكان لها ما لها وعليها ما عليها
لها الحياة وأيضا الموت والبرزخ وأخيراً البعث .
قال الله تعالى : (( ٱللَّهُ يَتَوَفَّى ٱلأَنفُسَ حِينَ مَوْتِـهَا وَٱلَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِـهَا فَيُمْسِكُ ٱلَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا ٱلْمَوْتَ وَيُرْسِلُ ٱلأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ))
الزمر 42
(( كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِٱلشَّرِّ وَٱلْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ )) الأنبياء 35
الإنسان مخلوق فيه الحياة مكون من نفس وهي التي تحمل الذاكرة الرقمية لكل تفاصيل الحياة , صغيرة أو كبيرة , نسخة مصورة طبق الاصل , تصوير أدق من الكاميرات الرقمية تصور كل الابعاد : صوت , صورة , حركة , نية , ألوان , إنفعال , مشاعر ..نسخة طبق الاصل تعجز كاميرات الدنيا مهما كانت دقتها ان تصور مثلا النية داخل الإنسان يقول الله تعالى في لقطة قرأنية عاصفة للذهن :
(( هَـٰذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِٱلْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ )) الجاثية 29
كتاب إليكتروني رباني بتكنولوجيا لن يدركها البشر ولاسيما إذا كان الرصد بأمر رد البشر .
النفس هي البقعة الضوئية على مسرح الحياة
كما قلت سابقاً ان الموت قد ذُكِر في القرآن 164 مرة
ومن بين كلمات جذر الموت وقفت على هاتين الكلمتين : (( الموتى , والأموات ))
وسألت نفسي هل هناك بينهما تطابق في المعنى ولاسيما وهما من نفس الجذر اللُغوي
وبعد تفكير عميق إستبعدت هذا التطابق من خلال السياق القرأني للأيات التي ذكرت كلمة
(( الموتى )) والأخرى التي ذكرت (( الأموات ))
وجدت في القرآن الكريم 17 أية تذكر الموتى وثلاثة أيات فقط تذكر (( الأموات ))
وعدت أطرح على نفسي لماذا تلك النسبة العددية 17 مرة للموتى ومرتين للأموات ؟
سؤال يوقد العصف الذهني في بحث شيق مثير .
(( الموتى )) تطلق على كل من فارقت روحه ونفسه جسده .
الحياة معناها تجميع
الموت معناه تفكيك , تماماً مثل صاروخ منطلق نحو الفضاء عند كل إرتفاع معين تتفكك مراحله لو كان مركب من ثلاثة قطع , هذا مجرد مثال تقريبي للعقل والخيال .
الموتى تعني الموت الجسدي أو إنفصال النفس عن الجسد عن الروح وبالتالي تنتهي الحياة ويكون الإنتقال وراء البرزح وهو حاجز يمنع أن تعود تركيبة الحياة مرة أخرى كما كانت .
(( الموتى )) كانوا أحياء بصورتين , حياة جسدية وحياة إيمانية , وتتجلى الحياة الإيمانية بالتواصل مع رب الوجود , مع الله الواحد الأحد , وأعظم درجات التواصل لا تكون إلا بالصلة والصلاة لله الواحد الأحد الذي قرر تلك الحقيقة في أول سورة من سور القرآن
(( كَلاَّ لاَ تُطِعْهُ وَٱسْجُدْ وَٱقْتَرِب )) العلق 19
الصلاة والتواصل مع الله يحققان النسبة الذهبية في الوجود
(( وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ )) الذريات 56
الموت يقطع هذا التواصل وتلك الصلاة بين الله وعباده
(( الموتى )) يفقدون الصلاة أي 177 ركعة هي عدد الركعات للصلوات المفروضة دون السنن , الموتى يفقدون هذا التواصل عبر 17 ركعة ومن العجيب أن تتكرر كلمة الموتى في القرآن 17 مرة
(( الأموات )) كلمة ذُكرت في القرآن الكريم ثلاثة مرات فقط في الايات التالية :
(( وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ ٱللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ )) البقرة 154
(( وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ )) آل عمران 169
(( وَمَا يَسْتَوِي ٱلأَحْيَآءُ وَلاَ ٱلأَمْوَاتُ إِنَّ ٱللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَآءُ وَمَآ أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي ٱلْقُبُورِ ))
فاطر 22
(( الأموات )) هم أموات العقيدة أو المبعدين عن حياة الإيمان الروحية , موت النفوس , إنقطاع التواصل مع الله ….والإنقطاع عن الله هو الموت والعدم ….هناك أُناس على قيد الحياة أموات , يعيشون أموات حتى يصبحوا من الموتى والأموات
الذين يقاتلون في سبيل الله أحياء في حياة الإيمان كما جاء في سورة البقرة 154
وكذلك في سورة أل عمران الأية 169
نخلص من تلك الدراسة بان :
(( الموتى )) من فاروقوا الحياة الدنيا ولكن منهم أحياء بالإيمان عند ربهم يُرزقون
وهناك (( الأموات )) الذين ماتوا جسدياً وروحياً
الأموات خسروا ثلاثة مراحل
كانوا أمواتاً في الحياة الدنيا
وهم أموات في البرزح
وهم أموات أو مبعدون عن رحمة الله يوم الثقيامة كما كانوا أمواتاً في الدنيا تحملهم أقدامهم .محمد حسن كامل