هايدي فاروق
سُئلت كثيرا عن منحة الأرض المصرية للحبشة التي عُقدت بموجبها إتفاقية ١٩٠٢ وعن الضمانات التي طمئنت مصر إذ ذاك لإلتزام وإلزام الحبشة ،،وحيث تجيء تبعية الكنيسة الحبشية للكرسي البابوي الإسكندري على رأس تلك الضمانات وهي تبعية إنتهت عقب إتفاقية ١٩٠٢ بسنوات بأسلوب ممنهج حاكته لنا أيدي المستعمر بذكاء ،ففي أثناء حكم سعيد باشا أغارت الحبشة على بعض بلاد السودان وزحفت جيوش ملكها ثيودورس ، وكان في عزم سعيد باشا إعداد جيش مصري كبير للرد على عدوان الحبشة على السودان على أن سعيد باشا رأى أن يحل الخلاف بطريقة ودية فاستعان بصديق حميم للملك الإثيوبي وهو المطران كيرلس وأرسله على رأس وفد في باخرة الى مجدلة التي كانت عاصمة للحبشة وتقدم نجاشي الحبشة يومئذ وقبل يد المطران كيرلس وقبله المطران في جبينه وقد رغب تيودورس أن يمسحه مطران مصر ملكًا على ملوك الحبشة فنفذ الرغبة وأقيمت حفلة ودقت النواقيس ومسح كيرلس تيودورس ملكًا على ملوك الحبشة . وبعد ذلك فاوض كيرلس الإمبراطور في إعادة الاراضي التي اغتصبها من مصر فقبل الإمبراطور وانتهى النزاع. فغالبية الأحباش هم من المسيحيين الأرثوذكس الذين كانوا يدينون بالطاعة والولاء للكنيسة المصرية وكان لهذه الكنيسة مندوبا في الحبشة ، وعلى سبيل المثال كان لدينا عام ١٩٢٩ مندوبا في الحبشة هو القمص سيداروس الأنطوني من بلدة النغاميش بمركز البلينا وكان لا يجوز لغيره تتويج إمبراطور الحبشة وبعد مسحه تجوز مبايعته والمُناداة به ملكًا على ملوك الحبشة . وقبيل منحة الأرض المصرية للحبشة تم إرسال العديد من المراسلات ( التي أمكنني التحصل عليها ) من قبل منليك الثاني للكنيسة في مصر يرجوهم فيها الوساطة مت الخديوي للقبول بطلب منحه قطعة الأرض المصرية . ولكن حدث ما يلي للعلاقة التي وصفتها بأداة ضمان، فبتدخل خفي ومباشر من روما إثر نياحة الأنبا متاؤوس في عام ١٩٢٦ طلبت إمبراطورة الحبشة زوديتو من البطريرك رسامة مطران قبطي يخلفه على المملكة الحبشية، وأن يسمح برسامة أساقفة أحباش وبناءًا عليه عرض الأمر على المجمع المقدس القبطي المنعقد بالدار البطريركية بالقاهرة في يوم ٣١ مايو ١٩٢٩ وتمت الموافقة، ولكن اندلعت الحرب واحتلت إيطاليا الحبشة فاصدرت روما أمرا مباشرا الى الحبشة بإستقلال الكنيسة الحبشية وهو ما رفضته الكنيسة المصرية وسجلت اعتراضها عليه وساندتها الحكومة المصرية من خلال مساعي ناظر الخارجية المصرية مكرم عبيد باشا ، وهذا الرفض الكنسي المصري تحصلت على اصله كاملا ورأيت ان ارفقه لكم .