د. هالة الجبالي
إنّ التفكير الناقد نمط تفكيريّ يجذبُ انتباه الباحثين والدارسين؛ نظراً لأهمّيته لدى الفرد، والمجتمع؛ فهو يُسهم في تكوين أشخاص أكثر انفتاحاً على الأفكار الجديدة، وتكيُّفاً معها، ويمكن توضيح أهميّة التفكير الناقد بما يأتي:
— يُعطي التفكير الناقد الفردَ الحكمةَ في اختيار الآراء والأفكار التي تناسبه، فلا يتأثَّر بكلّ الأفكار والآراء التي تُعرَض عليه.
— يحمي التفكير الناقد عقول الشباب من الأفكار الثقافيّة المختلفة التي تَنشُرُها المجتمعات، حيث يكون قادراً على تحليل الأفكار، والمعلومات التي يتعرَّض لها.
— يُعطي التفكير الناقد الأشخاصَ المقدرةَ على التحليل المنطقيّ للقضايا والمشكلات، ممّا يجعلهم أقدر على اتِّخاذ القرارات الصحيحة في مواقف الحياة التي يتعرَّض لها.
— يحمي الفرد من ضياعه نتيجة الأفكار التي يتعرَّض لها في عصر العولمة، فلا يتعرَّض لخطر ضياع هويّته الثقافيّة؛ لأنّه يُحلِّل الأفكار التي يتلقّاها قبل قبولها.
— يُعَدّ التفكير الناقد عنصراً مُهمّاً في التربية العامّة، وخاصّةً في تدريس العلوم؛ لأنّ التلاميذ يكونونَ أقدر على التعامُل بشكلٍ عقلانيّ مع المشكلات، وتكون لديهم المقدرة على الخوض في مُجادَلات منطقيّة.
خصائص التفكير الناقد
ذكر مجموعة من المتخصصين في علم التربية والتعليم خصائصًا للتفكير الناقد وهي كما يأتي:
— جمع عدد من المعلومات باستمرار للبناء عليها في معرفة جوانب المشكلة والإلمام بها واستخدامها بطريقة مناسبة للوصول إلى حلول مناسبة للمشكلة.
— االاستمرارية في عملية البحث عن المعلومات وأسبابها للوصول إلى بدائل كافية.
— إعطاء الأهمية لجميع جوانب الموقف أو المشكلة بقدر من الأهمية من دون الاهتمام من جانب على حساب آخر، لتسهيل فهمها بشكل أوضح.
— الاعتماد على الحقائق والمعرفة الكفاية في النقاش الذي يدور حوله الموضوع.
— اتصافه بالتفكير المنطقي للصول للحقائق والمعرفة المراد الوصول إليها.
معايير التفكير الناقد
حتى يستطيع الفرد تحديد مدى كفاءة التفكير الناقد، لا بُدّ له من معرفة المعايير الأساسيّة التي يمكن الاعتماد عليها، ومن هذه المعايير:
الوضوح: وهو أهمّ المعايير التي يُعتمَد عليها؛ لتقييم التفكير الناقد، إذ يُقيِّم هذا المعيار صياغة الأفكار بشكل واضح، والتعبير عنها بعبارات واضحة، ومفهومة، ومعرفة المقاصد التي يرمي إليها المُتكلِّم.
الصحّة: ويعني هذا المعيار مدى صحّة المعلومات أو الأفكار المُقدَّمة، وتحديد مدى موثوقيّة مصادرها.
الدقّة: وهو المعيار الذي يُحدِّد مدى استيفاء الموضوع لحقّه في المُعالجة، إذ ينبغي أن تكون الفكرة مُحدَّدة، ومُفصَّلة في الوقت ذاته.
الرَّبط: وتُحدَّد من خلال هذا المعيار قوّة الترابُط بين الأسئلة، والمُداخَلات، والإيضاحات المُقدَّمة للمشكلة.
العُمق: يدلّ العُمق على مدى مقدرة الفرد على التشعُّب، والتدقيق في تفاصيل المشكلة، أو الفكرة، فلا تكون التحليلات سطحيّة.
الاتِّساع: وهو المعيار الذي يتمّ التأكُّد من خلاله من أَخْذ الشخص لجوانب الفكرة، أو المشكلة التي يعمل على نقدها بشكل كامل.
الدلالة والأهمّية: ويعني أن تكون الأفكار والمشاكل التي يتناولها الشخص ذات قيمة وأهمّية.
المنطق: وهو المعيار الذي يفحص تسلسلَ الأفكار بشكلٍ منطقيّ، بحيث تُعطي في النهاية معنىً أو نتيجةً واضحةً وناتجةً من التسلسُل السابق، فتكون مُقدِّمة مقبولة.